باب رَفْعِ الإِمَامِ يَدَهُ فِي الِاسْتِسْقَاءِ
 
1031- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى وَابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ دُعَائِهِ إِلاَّ فِي الِاسْتِسْقَاءِ وَإِنَّهُ يَرْفَعُ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبْطَيْهِ "
قوله: "باب رفع الإمام يده في الاستسقاء" ثبتت هذه الترجمة في رواية الحموي والمستملي، قال ابن رشيد: مقصوده بتكرير رفع الإمام يده - وإن كانت الترجمة التي قبلها تضمنته - لتفيد فائدة زائدة وهي أنه لم يكن يفعل ذلك إلا في الاستسقاء، قال: ويحتمل أن يكون قصد التنصيص بالقصد الأول على رفع الإمام يده كما قصد التنصيص في الترجمة الأولى بالقصد الأول على رفع الناس، وإن اندرج معه رفع الإمام. قال: ويجوز أن يكون قصد بهذه كيفية رفع الإمام يده لقوله: "حتى يرى بياض إبطيه " انتهى. وقال الزين بن المنير ما محصله: لا تكرار في هاتين الترجمتين، لأن الأولى لبيان اتباع المأمومين الإمام في رفع اليدين، والثانية لإثبات رفع اليدين للإمام في الاستسقاء. قوله: "عن سعيد" هو ابن أبي عروبة. قوله: "عن قتادة عن أنس" في رواية يزيد بن زريع عن سعيد " عن قتادة أن أنسا حدثهم " كما سيأتي في صفة النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: "إلا في الاستسقاء" ظاهره نفي الرفع في كل دعاء غير الاستسقاء، وهو معارض بالأحاديث الثابتة بالرفع في غير الاستسقاء وقد تقدم أنها كثيرة، وقد أفردها المصنف بترجمة في كتاب الدعوات وساق فيها عدة أحاديث، فذهب بعضهم إلى أن العمل بها أولى، وحمل حديث أنس على نفي رؤيته، وذلك لا يستلزم نفي روية غيره. وذهب آخرون إلى تأويل حديث أنس المذكور لأجل الجمع بأن يحمل النفي على صفة مخصوصة إما الرفع البليغ فيدل عليه قوله: "حتى يرى بياض إبطيه " ويؤيده أن غالب الأحاديث التي وردت في رفع اليدين في الدعاء إنما المراد به مد اليدين وبسطهما عند الدعاء، وكأنه عند الاستسقاء مع ذلك زاد فرفعهما إلى جهة وجهة حتى حادتاه وبه حينئذ يرى بياض إبطيه، وأما صفة اليدين في ذلك فلما رواه مسلم من رواية ثابت عن أنس " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استسقى فأشار بظهر كفيه إلى السماء " ولأبي داود من حديث
ـــــــ
(1)في الأصل " الغريب" من مخطوطة الرياض " والمراد بالغريبيين غريب القرآن وغريب الحديث, وأبو موسى هو الحافظ محمد بن أبي بكر الاصفهاني المتوفي سنة 581 مؤلف الذيل على الجمع بين الغربيين لأبي عبيد أحمد بن محمد الهروي المتوفى سنة 401 المطبعة
(2/517)

أنس أيضا: "كان يستسقى هكذا ومد يديه - وجعل بطونهما مما يلي الأرض - حتى رأيت بياض إبطيه " قال النووي: قال العلماء: السنة في كل دعاء لرفع البلاء أن يرفع يديه جاعلا ظهور كفيه إلى السماء، وإذا دعا بسؤال شيء وتحصيله أن يجعل كفيه إلى السماء. انتهى. وقال غيره: الحكمة في الإشارة بظهور الكفين في الاستسقاء دون غيره للتفاؤل بتقلب الحال ظهرا لبطن كما قيل في تحويل الرداء، أو هو إشارة إلى صفة المسئول وهو نزول السحاب إلى الأرض.
(2/518)

باب ما يقال إذا أمطرت
...