باب هَلْ يُؤَذِّنُ أَوْ يُقِيمُ إِذَا جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ
 
1109- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي سَالِمٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَعْجَلَهُ السَّيْرُ فِي السَّفَرِ يُؤَخِّرُ صَلاَةَ الْمَغْرِبِ حَتَّى يَجْمَعَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعِشَاءِ قَالَ سَالِمٌ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا يَفْعَلُهُ إِذَا أَعْجَلَهُ السَّيْرُ وَيُقِيمُ الْمَغْرِبَ فَيُصَلِّيهَا ثَلاَثًا ثُمَّ يُسَلِّمُ ثُمَّ قَلَّمَا يَلْبَثُ حَتَّى يُقِيمَ الْعِشَاءَ فَيُصَلِّيهَا رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ يُسَلِّمُ وَلاَ يُسَبِّحُ بَيْنَهُمَا بِرَكْعَةٍ وَلاَ بَعْدَ الْعِشَاءِ بِسَجْدَةٍ حَتَّى يَقُومَ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ "
1110- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا حَرْبٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ حَدَّثَنِي حَفْصُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ هَاتَيْنِ الصَّلاَتَيْنِ فِي السَّفَرِ يَعْنِي الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ
قوله: "باب هل يؤذن أو يقيم إذا جمع بين المغرب والعشاء" ؟ قال ابن رشيد: ليس في حديثي الباب تنصيص على الأذان، لكن في حديث ابن عمر منهما " يقيم المغرب فيصليها " ولم يرد بالإقامة نفس الأذان وإنما أراد يقيم للمغرب، فعلى هذا فكأن مراده بالترجمة: هل يؤذن أو يقتصر على الإقامة، وجعل حديث أنس مفسرا بحديث ابن عمر، لأن في حديث ابن عمر حكما زائدا ا هـ. ولعل المصنف أشار بذلك إلى ما ورد في بعض طرق حديث ابن عمر، ففي الدار قطني من طريق عمر بن محمد بن زيد عن نافع عن ابن عمر في قصة جمعه المغرب والعشاء " فنزل فأقام الصلاة، وكان لا ينادي بشيء من الصلاة في السفر، فقام فجمع بين المغرب والعشاء ثم رفع " الحديث. وقال الكرماني: لعل الزاوي لما أطلق لفظ الصلاة استفيد منه أن المراد بها التامة بأركانها وشرائطها وسننها ومن جملتها الأذان والإقامة، وسبقه ابن بطال إلى نحو ذلك. قوله: "يؤخر صلاة المغرب" لم يعين غاية التأخير، وبينه مسلم من طريق عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر بأنه بعد أن يغيب الشفق. وفي رواية عبد الرزاق عن معمر عن أيوب وموسى بن عقبة عن نافع " فأخر المغرب بعد ذهاب الشفق حتى ذهب هوى من الليل " وللمصنف في الجهاد من طريق أسلم مولى عمر عن ابن عمر في هذه القصة " حتى كان بعد غروب الشفق نزل فصلى المغرب والعشاء جمعا بينهما " ولأبي داود من طريق ربيعة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر في هذه القصة " فصار حتى غاب الشفق وتصوبت النجوم نزل فصلى الصلاتين جمعا " وجاءت عن ابن عمر روايات أخرى " أنه صلى المغرب في آخر الشفق، ثم أقام الصلاة وقد توارى الشفق، فصلى العشاء " أخرجه أبو داود من طريق عبد الرحمن ابن يزيد بن جابر عن نافع، ولا تعارض بينه وبين ما سبق لأنه كان في واقعة أخرى. قوله: "ثم قلما يلبث حتى يقيم العشاء" فيه إثبات للبث قليل، وذلك نحو ما وقع في الجمع بمزدلفة من إناخة الرواحل، ويدل عليه ما تقدم من الطرق التي فيها جمع بينهما وصلاهما جميعا، وفيه حجة على من حمل أحاديث الجمع على الجمع الصوري، قال إمام الحرمين: ثبت
(2/581)

في الجمع أحاديث نصوص لا يتطرق إليها تأويل، ودليله من حيث المعنى الاستنباط من الجمع بعرفة ومزدلفة، فإن سببه احتياج الحاج إليه لاشتغالهم بمناسكهم، وهذا المعنى موجود في كل الأسفار ولم تتقيد الرخص كالقصر والفطر بالنسك، إلى أن قال: ولا يخفى على منصف أن الجمع أرفق من القصر، فإن القائم إلى الصلاة لا يشق عليه ركعتان يضمهما إلى ركعتيه، ورفق الجمع واضح لمشقة النزول على المسافر، واحتج به من قال باختصاص الجمع لمن جد به السير، وسيأتي ذلك في الباب الذي بعده. قوله: "حدثنا إسحاق" هو ابن راهويه كما جزم به أبو نعيم في المستخرج، ومال أبو علي الجياني إلى أنه إسحاق بن منصور، وقد تقدم الكلام على حديث أنس في الباب الذي قبله.
(2/582)