باب الصَّلاَةِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ
 
1183 - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ الْحُسَيْنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "صَلُّوا قَبْلَ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ لِمَنْ شَاءَ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَتَّخِذَهَا النَّاسُ سُنَّةً"
[الحديث 1183 – طرفه في: 7368]
1184 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ هُوَ الْمُقْرِئُ قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ قَالَ سَمِعْتُ مَرْثَدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْيَزَنِيَّ قَالَ "أَتَيْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الْجُهَنِيَّ فَقُلْتُ أَلاَ أُعْجِبُكَ مِنْ أَبِي تَمِيمٍ يَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ فَقَالَ عُقْبَةُ إِنَّا كُنَّا نَفْعَلُهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ فَمَا يَمْنَعُكَ الآنَ قَالَ الشُّغْلُ"
قوله: "باب الصلاة قبل المغرب" لم يذكر المصنف الصلاة قبل العصر، وقد ورد فيها حديث لأبي هريرة1 مرفوع لفظه: "رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا" أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه ابن حبان، وورد من فعله أيضا من حديث علي بن أبي طالب أخرجه الترمذي والنسائي وفيه: "أنه كان يصلي قبل العصر أربعا" وليسا على شرط البخاري. قوله: "عن الحسين" هو ابن ذكوان المعلم. قوله: "حدثني عبد الله المزني" هو ابن مغفل بالمعجمة والفاء المشددة. قوله: "صلوا قبل صلاة المغرب" زاد أبو داود في روايته عن الفربري عن عبد الوارث بهذا الإسناد "صلوا قبل المغرب ركعتين " ثم قال: "صلوا قبل المغرب ركعتين" وأعادها الإسماعيلي من هذا الوجه
ـــــــ
1 هذا وهم, والصواب "لابن عمر" كما يعلم ذلك من الأصول التي عزاه إليها الشارح, وقد نسبه في بلوغ المرام لابن عمر فأصاب. والله أعلم.
(3/59)

ثلاث مرات، وهو موافق لقوله في رواية المصنف "قال في الثالثة لمن شاء" وفي رواية أبي نعيم في المستخرج "صلوا قبل المغرب ركعتين قالها ثلاثا ثم قال: لمن شاء". قوله: "كراهية أن يتخذها الناس سنة" قال المحب الطبري: لم يرد نفي استحبابها لأنه لا يمكن أن يأمر بما لا يستحب، بل هذا الحديث من أقوى الأدلة على استحبابها، ومعنى قوله: "سنة" أي شريعة وطريقة لازمة، وكأن المراد انحطاط مرتبتها عن رواتب الفرائض، ولهذا لم يعدها أكثر الشافعية في الرواتب واستدركها بعضهم، وتعقب بأنه لم يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم واظب عليها، وتقدم الكلام على ذلك مبسوطا في "باب كم بين الأذان والإقامة" من أبواب الأذان. قوله: "اليزني" بفتح التحتانية والزاي بعدها نون وهو مصري، وكذا بقية رجال الإسناد سوى شيخ البخاري وقد دخلها. قولها: "ألا أعجبك" بضم أوله وتشديد الجيم من التعجب. قوله: "من أبي تميم" هو عبد الله بن مالك الجيشاني بفتح الجيم وسكون التحتانية بعدها معجمة تابعي كبير مخضرم أسلم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وقرأ القرآن على معاذ بن جبل ثم قدم في زمن عمر فشهد فتح مصر وسكنها، قال ابن يونس: وقد عده جماعة في الصحابة لهذا الإدراك، ولم يذكر المزي في "التهذيب" أن البخاري أخرج له، وهو على شرطه فيرد عليه بهذا الحديث1. قوله: "يركع ركعتين" زاد الإسماعيلي: "حين يسمع أذان المغرب" وفيه: "فقلت لعقبة وأنا أريد أن أغمصه" وهو بمعجمة ثم مهملة أي أعيبه. قوله: "فقال عقبة إلخ" استدل به على امتداد وقت المغرب ولا حجة فيه كما بيناه في الباب السابق. وقال قوم: إنما تستحب الركعتان المذكورتان لمن كان متأهبا بالطهر وستر العورة لئلا يؤخر المغرب عن أول وقتها، ولا شك أن إيقاعها في أول الوقت أولى، ولا يخفى أن محل استحبابهما ما لم تقم الصلاة، وقد تقدم الكلام على بقية فوائده في الباب السابق، وفيه رد على قول القاضي أبي بكر بن العربي: لم يفعلهما أحد بعد الصحابة، لأن أبا تميم تابعي وقد فعلهما. وذكر الأثرم عن أحمد أنه قال: ما فعلتهما إلا مرة واحدة حين سمعت الحديث. وفيه أحاديث جياد عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين، إلا أنه قال: "لمن شاء" فمن شاء صلى.
ـــــــ
1 ليس الرد عليه بظاهر, لأن البخاري رحمه الله لم يخرج عن تميم هنا خبرا مرفوعا ولا موقوفا, وإنما وقع ذكره في أثناء الرواية من غير احتجاج به. والله أعلم.
(3/60)