باب السَّهْوِ فِي الْفَرْضِ وَالتَّطَوُّعِ
 
حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك عن بن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إن أحدكم إذا قام يصلي جاء الشيطان فلبس عليه حتى لا يدري كم صلى فإذا وجد ذلك أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس"
قوله: "باب" بالتنوين. قوله: "السهو في الفرض والتطوع" أي هل يفترق حكمه أم يتحد؟ إلى الثاني ذهب الجمهور، وخالف في ذلك ابن سيرين وقتادة ونقل عن عطاء، ووجه أخذه من حديث الباب من جهة قوله: "وإذا صلى" أي الصلاة الشرعية وهو أعم من أن تكون فريضة أو نافلة. وقد اختلف في إطلاق الصلاة عليهما هل هو من الاشتراك اللفظي أو المعنوي؟ وإلى الثاني ذهب جمهور أهل الأصول لجامع ما بينهما من الشروط التي لا تنفك، ومال الفخر الرازي إلى أنه من الاشتراك اللفظي لما بينهما من التباين في بعض الشروط، ولكن طريقة الشافعي ومن تبعه في أعمال المشترك في معانيه عند التجرد تقتضي دخول النافلة أيضا في هذه العبارة، فإن قيل أن قوله في الرواية التي قبل هذه "إذا نودي للصلاة" قرينة في أن المراد الفريضة وكذا قوله: "إذا ثوب" أجيب بأن ذلك لا يمنع تناول النافلة لأن الإتيان حينئذ بها مطلوب لقوله: "بين كل أذانين صلاة" . "وَسَجَدَ ابْنُ عَبَّاسٍ
(3/104)

رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا سَجْدَتَيْنِ بَعْدَ وِتْرِهِ" قوله: "وسجد ابن عباس سجدتين بعد وتره" وصله ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن أبي العالية قال: "رأيت ابن عباس يسجد بعد وتره سجدتين" وتعلق هذا الأثر بالترجمة من جهة أن ابن عباس كان يرى أن الوتر غير واجب ويسجد مع ذلك فيه للسهو، وقد تقدم الكلام على المتن في الباب الذي قبله.
(3/105)