باب مَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ
 
وَقَالَ طَاوُسٌ وَعَطَاءٌ إِذَا عَلِمَ الْخَلِيطَانِ أَمْوَالَهُمَا فَلاَ يُجْمَعُ مَالُهُمَا
وَقَالَ سُفْيَانُ لاَ يَجِبُ حَتَّى يَتِمَّ لِهَذَا أَرْبَعُونَ شَاةً وَلِهَذَا أَرْبَعُونَ شَاةً
1451 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ حَدَّثَنِي ثُمَامَةُ أَنَّ أَنَسًا حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَتَبَ لَهُ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا كَانَ مِنْ خَلِيطَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَرَاجَعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ
قوله: "باب وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية" اختلف في المراد بالخليط كما سيأتي، فعند أبي حنيفة أنه الشريك قال: ولا يجب على أحد منهم فيما يملك إلا مثل الذي كان يحب عليه لو لم يكن خلط، وتعقبه ابن جرير بأنه لو كان تفريقها مثل جمعها في الحكم لبطلت فائدة الحديث. وإنما نهى عن أمر لو فعله كانت فيه فائدة قبل النهي، ولو كان كما قال لما كان لتراجع الخليطين بينهما بالسوية معنى. قوله: "يتراجعان" قال الخطابي: معناه أن يكون بينهما أربعون شاة مثلا لكل واحد منهما عشرون قد عرف كل منهما عين ماله فيأخذ المصدق من أحدهما شاة فيرجع المأخوذ من ماله على خليطه بقيمة نصف شاة، وهذه تسمى خلطة الجوار. قوله: "وقال طاوس وعطاء إلخ" هذا التعليق وصله أبو عبيد في "كتاب الأموال" قال: "حدثنا حجاج عن ابن جريج أخبرني عمرو بن دينار عن طاوس قال: إذا كان الخليطان يعلمان أموالهما لم يجمع مالهما في الصدقة، قال -يعني ابن جريج- فذكرته لعطاء فقال: ما أراه إلا حقا وهكذا رواه عبد الرزاق عن ابن جريج عن شيخه. وقال أيضا عن ابن جريج "قلت لعطاء: ناس "خلطاء لهم أربعون شاة؟ قال: عليهم شاة. قلت: فلواحد تسعة وثلاثون شاة ولآخر شاة؟ قال: عليهما شاة". قوله: "وقال سفيان لا تجب حتى يتم لهذا أربعون شاة ولهذا أربعون شاة" قال عبد الرزاق عن الثوري "قولنا لا يجب على الخليطين شيء إلا أن يتم لهذا أربعون ولهذا أربعون" انتهى، وبهذا قال مالك. وقال الشافعي وأحمد وأصحاب الحديث: إذا بلغت ماشيتهما النصاب زكيا، والخلطة عندهم أن يجتمعا في المسرح والمبيت والحوض والفحل، والشركة أخص منها. وفي "جامع سفيان الثوري" عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن عمر "ما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بالسوية". قلت لعبيد الله: ما يعني بالخليطين؟ قال: إذا كان المراح واحدا والراعي واحدا والدلو واحدا. ثم أورد المصنف طرفا من حديث أنس المذكور وفيه لفظ الترجمة.
واختلف في المراد بالخليط، فقال أبو حنيفة هو الشريك، واعترض عليه بأن الشريك قد لا يعرف عين ماله وقد قال إنهما يتراجعان بينهما بالسوية، ومما يدل على أن الخليط لا يستلزم أن يكون شريكا قوله تعالى: {وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطَاءِ} وقد بينه قبل ذلك بقوله: {إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ} واعتذر بعضهم عن الحنفية بأنهم لم يبلغهم هذا الحديث، أو رأوا أن الأصل قوله: "ليس فيما دون خمس ذود صدقة" وحكم الخلطة بغير هذا الأصل فلم يقولوا به.
(3/315)