باب الزَّكَاةِ عَلَى الأَقَارِبِ. وَقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لَهُ أَجْرَانِ أَجْرُ الْقَرَابَةِ وَالصَّدَقَةِ"
 
1461 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ "كَانَ أَبُو طَلْحَةَ أَكْثَرَ الأَنْصَارِ بِالْمَدِينَةِ مَالاً مِنْ نَخْلٍ وَكَانَ أَحَبُّ أَمْوَالِهِ إِلَيْهِ بَيْرُحَاءَ وَكَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُهَا وَيَشْرَبُ مِنْ مَاءٍ فِيهَا طَيِّبٍ قَالَ أَنَسٌ فَلَمَّا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} وَإِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ أَرْجُو بِرَّهَا وَذُخْرَهَا عِنْدَ اللَّهِ فَضَعْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ قَالَ فَقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بَخٍ ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ وَقَدْ سَمِعْتُ مَا قُلْتَ وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا فِي الأَقْرَبِينَ فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَسَمَهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي أَقَارِبِهِ وَبَنِي عَمِّهِ"
تَابَعَهُ رَوْحٌ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَإِسْمَاعِيلُ عَنْ مَالِكٍ "رَايِحٌ"
[الحديث 1461 – أطرافه في: 2718, 2758, 27582769, 4555, 5611]
1462 - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ أَخْبَرَنِي زَيْدٌ هُوَ ابْنُ أَسْلَمَ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَضْحًى أَوْ فِطْرٍ إِلَى الْمُصَلَّى ثُمَّ انْصَرَفَ فَوَعَظَ النَّاسَ وَأَمَرَهُمْ بِالصَّدَقَةِ فَقَالَ أَيُّهَا النَّاسُ تَصَدَّقُوا فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ فَقُلْنَ وَبِمَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ ثُمَّ انْصَرَفَ فَلَمَّا صَارَ إِلَى مَنْزِلِهِ جَاءَتْ زَيْنَبُ امْرَأَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ تَسْتَأْذِنُ عَلَيْهِ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ زَيْنَبُ فَقَالَ أَيُّ الزَّيَانِبِ فَقِيلَ امْرَأَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ نَعَمْ ائْذَنُوا لَهَا فَأُذِنَ لَهَا قَالَتْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّكَ أَمَرْتَ الْيَوْمَ بِالصَّدَقَةِ وَكَانَ عِنْدِي حُلِيٌّ لِي فَأَرَدْتُ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهِ فَزَعَمَ ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّهُ وَوَلَدَهُ أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَلَيْهِمْ. فَقال النبي صلى الله عليه وسلم: "صَدَقَ ابْنُ مَسْعُودٍ زَوْجُكِ وَوَلَدُكِ أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْتِ بِهِ عَلَيْهِمْ"
قوله: "باب الزكاة على الأقارب" قال الزين بن المنير: ووجه استدلاله لذلك بأحاديث الباب أن صدقة التطوع على الأقارب لما لم ينقص أجرها بوقوعها موقع الصدقة والصلة معا كانت صدقة الواجب كذلك، لكن لا يلزم من جواز صدقة التطوع على من يلزم المرء نفقته أن تكون الصدقة الواجبة كذلك. وقد اعترضه الإسماعيلي بأن الذي في الأحاديث التي ذكرها مطلق الصدقة لا الصدقة الواجبة فلا يتم استدلاله إلا إن أراد الاستدلال على أن الأقارب في الزكاة أحق بها إذ رأى النبي صلى الله عليه وسلم صرف الصدقة المتطوع بها إلى الأقارب أفضل فلذلك حينئذ له وجه. قال ابن
(3/325)

رشيد: قد يؤخذ ما اختاره المصنف من حديث أبي طلحة فيما فهمه من الآية، وذلك أن النفقة في قوله: {حَتَّى تُنْفِقُوا} أعم من أن يكون واجبا أو مندوبا، فعمل بها أبو طلحة في فرد من أفراده، فيجوز أن يعمل بها في بقية مفرداته، ولا يعارضها قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} الآية لأنها تدل على حصر الصدقة الواجبة في المذكورين. وأما صنيع أبي طلحة فبدل على تقديم ذوي القربى إذا اتصفوا بصفة من صفات أهل الصدقة على غيرهم، وسيأتي ذكر من يستثنى من الأقارب في الصدقة الواجبة بعد بابين. قوله: "وقال النبي صلى الله عليه وسلم: له أجران أجر القرابة وأجر الصدقة" هذا طرف من حديث فيه قصة لامرأة ابن مسعود، وسيأتي موصولا بعد ثلاثة أبواب. ثم ذكر المصنف في الباب حديثين: حديث أنس في تصدق أبي طلحة بأرضه، وحديث أبي سعيد في قصة امرأة ابن مسعود وغير ذلك. فأما حديث أنس فسيأتي الكلام عليه مستوفي في كتاب الوقف. قوله: "بيرحاء" بفتح الموحدة وسكون التحتانية وفتح الراء وبالمهملة والمد، وجاء في ضبطه أوجه كثيرة جمعها ابن الأثير في النهاية فقال: يروى بفتح الباء وبكسرها وبفتح الراء وضمها وبالمد والقصر فهذه ثمان لغات. وفي رواية حماد بن سلمة "بريحا" بفتح أوله وكسر الراء وتقديمها على التحتانية، وفي سنن أبي داود "باريحا" مثله لكن بزيادة ألف. وقال الباجي: أفصحها بفتح الباء وسكون الياء وفتح الراء مقصور، وكذا جزم به الصغاني وقال: إنه فيعلى من البراح، قال: ومن ذكره بكسر الموحدة وظن أنها بئر من آبار المدينة فقد صحف. قوله: "تابعه روح" يعني عن مالك في قوله: "رابح" بالموحدة وسيأتي من طريقه موصولا في البيوع. قوله: "وقال يحيى بن يحيى وإسماعيل عن مالك زايح" يعني بالتحتانية، أما رواية يحيى فستأتي موصولة في الوكالة وعزاها مغلطاي لتخريج الدارقطني فأبعد، وأما رواية إسماعيل وهو ابن أبي أويس فوصلها المصنف في التفسير، وقد وهم صاحب "المطالع" فقال: رواية يحيى بن يحيى بالموحدة، وكأنه اشتبه عليه الأندلسي بالنيسابوري، فالذي عناه هو الأندلسي والذي عناه البخاري النيسابوري، قال الداني في أطرافه: رواه يحيى بن يحيى الأندلسي بالموحدة وتابعه جماعة، ورواه يحيى بن يحيى النيسابوري بالمثناة وتابعه إسماعيل وابن وهب، ورواه القعنبي بالشك اهـ. ورواية القعنبي وصلها البخاري في الأشربة بالشك كما قال والرواية الأولى واضحة من الربح أي ذو ربح، وقيل هو فاعل بمعنى مفعول أي هو مال مربوح فيه، وأما الثانية فمعناها رائح عليه أجره، قال ابن بطال: والمعنى أن مسافته قريبة وذلك أنفس الأموال، وقيل معناه يروح بالأجر ويغدو به واكتفى بالرواح عن الغدو. وادعى الإسماعيلي أن من رواها بالتحتانية فقد صحف والله أعلم. حديث أبي سعيد تقدم الكلام على صدره مستوفي في كتاب الحيض، وبقية ما فيه من قصة امرأة ابن مسعود يأتي الكلام عليه بعد بابين مستوفي إن شاء الله تعالى. وقوله فيه: "فقيل يا رسول الله هذه زينب" القائل هو بلال كما سيأتي، وقوله: "ائذنوا لها فأذن لها فقالت يا رسول الله إلخ" لم يبين أبو سعيد ممن سمع ذلك، فإن يكن حاضرا عند النبي صلى الله عليه وسلم حال المراجعة المذكورة فهو من مسنده وإلا فيحتمل أن يكون حمله عن زينب صاحبه القصة. والله أعلم.
(3/326)