باب قَصْرِ الْخُطْبَةِ بِعَرَفَةَ
 
1663 - حدثنا عبد الله بن مسلمة أخبرنا مالك عن بن شهاب عن سالم بن عبد الله "أن عبد الملك بن مروان كتب إلى الحجاج أن يأتم بعبد الله بن عمر في الحج فلما كان يوم عرفة جاء بن عمر رضي الله عنهما وأنا معه حين زاغت الشمس أو زالت فصاح ثم فسطاطه أين هذا فخرج إليه فقال بن عمر الرواح فقال الآن قال نعم قال أنظرني أفيض علي ماء فنزل بن عمر رضي الله عنهما حتى خرج فسار بيني وبين أبي فقلت إن كنت تريد أن تصيب السنة اليوم فاقصر الخطبة وعجل الوقوف فقال بن عمر صدق"
قوله: "باب قصر الخطبة بعرفة" أورد فيه حديث ابن عمر الماضي قريبا وفيه قول سالم "إن كنت تريد السنة اليوم فاقصر الخطبة "وقد تقدم الكلام عليه مستوفى، وقيد المصنف قصر الخطبة بعرفة اتباعا للفظ الحديث، وقد أخرج مسلم الأمر باقتصار الخطبة في أثناء حديث لعمار أخرجه في الجمعة، قال ابن التين: أطلق أصحابنا العراقيون أن الإمام لا يخطب يوم عرفة. وقال المدنيون والمغاربة يخطب وهو قول الجمهور، ويحمل قول العراقيين على معنى أنه ليس لما يأتي به من الخطبة تعلق بالصلاة كخطبة الجمعة، وكأنهم أخذوه من قول مالك: كل صلاة يخطب لها يجهر فيها بالقراءة، فقيل له: فعرفة يخطب فيها ولا يجهر بالقراءة فقال: إنما تلك للتعليم.
(3/514)

باب التَّعْجِيلِ إِلَى الْمَوْقِفِ
قوله: "باب التعجيل إلى الموقف" كذا للأكثر هذه الترجمة بغير حديث، وسقط من رواية أبي ذر أصلا، ووقع في نسخة الصغاني هنا ما لفظه: "يدخل في الباب حديث مالك عن ابن شهاب - يعني الذي رواه عن سالم وهو المذكور في الباب الذي قبل هذا - ولكني أريد أن أدخل فيه غير معاد" يعني حديثا لا يكون تكرر كله سندا ومتنا. قلت: وهو يقتضي أن أصل قصده أن لا يكرر، فيحمل على أن كل ما وقع فيه من تكرار الأحاديث إنما هو حيث يكون هناك مغايرة إما في السند وإما في المتن حتى أنه لو أخرج الحديث في الموضعين عن شيخين حدثاه به عن مالك لا يكون عنده معادا ولا مكررا، وكذا لو أخرجه في موضعين بسند واحد لكن اختصر من المتن شيئا، أو أورده في موضع موصولا وفي موضع معلقا، وهذه الطريق لم يخالفها إلا في مواضع يسيرة مع طول الكتاب إذا بعدما بين البابين بعدا شديدا. ونقل الكرماني أنه رأى في بعض النسخ عقب هذه الترجمة "قال أبو عبد الله يعني المصنف: يزاد في هذا الباب هم حديث مالك عن ابن شهاب، ولكني لا أريد أن أدخل فيه معادا" أي مكررا. قلت: كأنه لم يحضره حينئذ طريق للحديث المذكور عن مالك غير الطريقين اللتين ذكرهما، وهذا يدل على أنه لا يعيد حديثا إلا لفائدة إسنادية أو متنية كما قدمته، وأما قوله في هذه الزيادة التي نقلها الكرماني "هم" فهي بفتح الهاء وسكون الميم. قال الكرماني: قيل إنها فارسية وقيل عربية ومعناها قريب من معنى أيضا. قلت: صرح غير واحد من علماء العربية ببغداد بأنها لفظة اصطلح عليها أهل بغداد وليست بفارسية ولا هي عربية قطعا، وقد دل كلام الصغاني في نسخته التي أتقنها وحررها - وهو من أئمة اللغة - خلو كلام البخاري عن هذه اللفظة.
(3/515)