باب الْجِلاَلِ لِلْبُدْنِ
 
وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لاَ يَشُقُّ مِنْ الْجِلاَلِ إِلاَّ مَوْضِعَ السَّنَامِ
وَإِذَا نَحَرَهَا نَزَعَ جِلاَلَهَا مَخَافَةَ أَنْ يُفْسِدَهَا الدَّمُ ثُمَّ يَتَصَدَّقُ بِهَا
1707 - حدثنا قبيصة حدثنا سفيان عن بن أبي نجيح عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي رضي الله عنه قال "أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتصدق بجلال البدن التي نحرت وبجلودها"
[الحديث 1707 – أطرافه في: 1716و1716م, 1717, 1718, 2299]
قوله: "باب الجلال للبدن" بكسر الجيم وتخفيف اللام جمع جل بضم الجيم وهو ما يطرح على ظهر البعير من كساء ونحوه. قوله: "وكان ابن عمر لا يشق من الجلال إلا موضع السنام فإذا نحرها نزع جلالها مخافة أن يفسدها الدم ثم يتصدق بها" هذا التعليق وصل بعضه مالك في "الموطأ" عن نافع "أن عبد الله بن عمر كان لا يشق جلال بدنه" وعن نافع "أن ابن عمر كان يجلل بدنه القباطي والحلل ثم يبعث بها إلى الكعبة فيكسوها إياها" وعن مالك أنه سأل عبد الله بن دينار "ما كان ابن عمر يصنع بجلال بدنه حين كسيت الكعبة هذه الكسوة؟ قال: كان يتصدق بها" وقال البيهقي بعد أن أخرجه من طريق يحيى بن بكير عن مالك زاد فيه غيره عن مالك "إلا موضع السنام" إلى آخر الأثر المذكور. قال المهلب ليس التصدق بجلال البدن فرضا، وإنما صنع ذلك ابن عمر لأنه أراد أن لا يرجع في شيء أهل به له، ولا في شيء أضيف إليه اهـ. وفائدة شق الجل من موضع السنام ليظهر الإشعار لئلا يستتر ما تحتها. وروى ابن المنذر من طريق أسامة بن زيد عن نافع "أن ابن عمر كان يجلل بدنه الأنماط والبرود والحبر حتى يخرج
(3/549)

من المدينة، ثم ينزعها فيطويها حتى يكون يوم عرفة فيلبسها إياها حتى ينحرها، ثم يتصدق بها، قال نافع: وربما دفعها إلى بني شيبة. وأورد المصنف حديث علي في التصدق بجلال البدن مختصرا، وسيأتي الكلام عليه مستوفي بعد سبعة أبواب إن شاء الله تعالى.
" تنبيه ": ما في هذه الأحاديث من استحباب التقليد والإشعار وغير ذلك يقتضي أن إظهار التقرب بالهدي أفضل من إخفائه، والمقرر أن إخفاء العمل الصالح غير الفرض أفضل من إظهاره، فأما أن يقال إن أفعال الحج مبنية على الظهور كالإحرام والطواف والوقوف فكان الإشعار والتقليد كذلك فيخص الحج من عموم الإخفاء، وإما أن يقال لا يلزم من التقليد والإشعار إظهار العمل الصالح لأن الذي يهديها يمكنه أن يبعثها مع من يقلدها ويشعرها ولا يقول إنها لفلان فتحصل سنة التقليد مع كتمان العمل، وأبعد من استدل بذلك على أن العمل إذا شرع فيه صار فرضا. وإما أن يقال إن التقليد جعل علما لكونها هديا حتى لا يطمع صاحبها في الرجوع فيها.
(3/550)