باب الرَّيَّانُ لِلصَّائِمِينَ
 
1896- حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ يُقَالُ أَيْنَ الصَّائِمُونَ فَيَقُومُونَ لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ"
[الحديث 1896- طرفه في 3257]
1897- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنِي مَعْنٌ قَالَ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ نُودِيَ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلاَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلاَةِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَلَى مَنْ دُعِيَ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ كُلِّهَا قَالَ نَعَمْ وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ"
[الحديث 1897- أطرافه في: 2841، 3216، 3666]
قوله: "باب" بالتنوين" الريان" بفتح الراء وتشديد التحتانية وزن فعلان من الري: اسم علم على باب من أبواب الجنة يختص بدخول الصائمين منه، وهو مما وقعت المناسبة فيه بين لفظه ومعناه، لأنه مشتق من الري وهو مناسب لحال الصائمين، وسيأتي أن من دخله لم يظمأ. قال القرطبي: اكتفي بذكر الري عن الشبع لأنه يدل عليه من حيث أنه يستلزمه، قلت أو لكونه أشق على الصائم من الجوع. قوله: "حدثني أبو حازم" هو ابن دينار، وسهل هو ابن سعد الساعدي. قوله: "أن في الجنة بابا" قال الزين بن المنير: إنما قال في الجنة ولم يقل للجنة ليشعر بأن في الباب المذكور من النعيم والراحة في الجنة فيكون أبلغ في التشوق إليه. قلت: وقد جاء الحديث من وجه
(4/111)

آخر بلفظ: "إن للجنة ثمانية أبواب، منها باب يسمى الريان لا يدخله إلا الصائمون". أخرجه هكذا الجوزقي من طريق أبي غسان عن أبي حازم، وهو للبخاري من هذا الوجه في بدء الخلق، لكن قال: "في الجنة ثمانية أبواب". قوله: "فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد" كرر نفي دخول غيرهم منه تأكيدا، وأما قوله: "فلم يدخل" فهو معطوف على "أغلق" أي لم يدخل منه غير من دخل. ووقع عند مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة عن خالد بن مخلد شيخ البخاري فيه: "فإذا دخل آخرهم أغلق" هكذا في بعض النسخ من مسلم، وفي الكثير منها "فإذا دخل أولهم أغلق". قال عياض وغيره: هو وهم. والصواب آخرهم. قلت: وكذا أخرجه ابن أبي شيبة في مسنده وأبو نعيم في مستخرجيه معا من طريقه، وكذا أخرجه الإسماعيلي والجوزقي من طرق عن خالد بن مخلد، وكذا أخرجه النسائي وابن خزيمة من طريق سعيد بن عبد الرحمن وغيره وزاد فيه: "من دخل شرب ومن شرب لا يظمأ أبدا" وللترمذي من طريق هشام بن سعد عن أبي حازم نحوه وزاد: "ومن دخله لم يظمأ أبدا" ونحوه للنسائي والإسماعيلي من طريق عبد العزيز بن حازم عن أبيه لكنه وقفه، وهو مرفوع قطعا لأن مثله لا مجال للرأي فيه. قوله: "عن حميد بن عبد الرحمن" في رواية شعيب عن الزهري الآتية في فضل أبي بكر "أخبرني حميد بن عبد الرحمن بن عوف". قوله: "عن أبي هريرة" قال ابن عبد البر: اتفق الرواة عن مالك على وصله، إلا يحيى بن بكير وعبد الله بن يوسف فإنهما أرسلاه، ولم يقع عند القعنبي أصلا. قلت: هذا أخرجه الدار قطني في "الموطآت" من طريق يحيى بن بكير موصولا فلعله اختلف عليه فيه، وأخرجه أيضا من طريق القعنبي فلعله حدث به خارج الموطأ. قوله: "من أنفق زوجين في سبيل الله" زاد إسماعيل القاضي عن أبي مصعب عن مالك "من ماله" واختلف في المراد بقوله: "في سبيل الله" فقيل أراد الجهاد، وقيل ما هو أعم منه، والمراد بالزوجين إنفاق شيئين من أي صنف من أصناف المال من نوع واحد كما سيأتي إيضاحه. قوله: "هذا خير" ليس اسم التفضيل، بل المعنى هذا خير من الخيرات، والتنوين فيه للتعظيم وبه تظهر الفائدة. قوله: "ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان" في رواية محمد بن عمرو عن الزهري عند أحمد "لكل أهل عمل باب يدعون منه بذلك العمل، فلأهل الصيام باب يدعون منه يقال له الريان" وهذا صريح في مقصود الترجمة، وسيأتي الكلام على هذا الحديث مستوفى في فضائل أبي بكر إن شاء الله تعالى.
(4/112)