باب الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ وَالإِفْطَارِ
 
1941- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ سَمِعَ ابْنَ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَقَالَ لِرَجُلٍ انْزِلْ فَاجْدَحْ لِي قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ الشَّمْسُ قَالَ انْزِلْ فَاجْدَحْ لِي قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ الشَّمْسُ قَالَ انْزِلْ فَاجْدَحْ لِي فَنَزَلَ فَجَدَحَ لَهُ فَشَرِبَ ثُمَّ رَمَى بِيَدِهِ هَا هُنَا ثُمَّ قَالَ إِذَا رَأَيْتُمْ اللَّيْلَ أَقْبَلَ مِنْ هَا هُنَا فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ "
تَابَعَهُ جَرِيرٌ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ ابْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ"
[الحديث 1941- أطرافه في: 1955، 1956، 1958، 5297]
1942- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الأَسْلَمِيَّ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَسْرُدُ الصَّوْمَ"
[الحديث 1942- طرفه في: 1943]
1943- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الأَسْلَمِيَّ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَأَصُومُ فِي السَّفَرِ وَكَانَ كَثِيرَ الصِّيَامِ فَقَالَ إِنْ شِئْتَ فَصُمْ وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ"
قوله: "باب الصوم في السفر والإفطار" أي إباحة ذلك وتخيير المكلف فيه سواء كان رمضان أو غيره، وسأذكر بيان الاختلاف في ذلك بعد باب، وذكر المؤلف في الباب حديث عبد الله بن أبي أوفى وسيأتي الكلام عليه بعد أبواب وموضع الدلالة منه ما يشعر به سياقه من مراجعة الرجل له بكون الشمس لم تغرب في جواب طلبه لما يشير به، فهو ظاهر في أنه كان صلى الله عليه وسلم صائما، وقد كره في "باب متى يحل فطر الصائم" وفي غيره بلفظ صريح في ذلك حيث قال: "كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صائم" قوله: "الشمس يا رسول الله" بالرفع، ويجوز النصب وتوجيههما ظاهر. قوله: "تابعه جرير وأبو بكر بن عياش عن الشيباني" يعني تابعا سفيان وهو ابن عيينة، والشيباني هو أبو إسحاق شيخهم فيه، ومتابعة جرير وصلها المؤلف في الطلاق، ومتابعة أبي بكر ستأتي موصولة بعد قليل في "باب تعجيل الإفطار" وتابعهم غير من ذكر كما سيأتي ولفظهم متقارب، والمراد المتابعة في أصل قوله: "حدثنا يحيى" هو القطان، وهشام هو ابن عروة. قوله: "أن حمزة بن عمرو الأسلمي" هكذا رواه الحفاظ عن هشام. وقال عبد الرحيم بن سليمان عند النسائي والدراوردي عند الطبراني ويحيى بن عبد الله بن سالم عند الدار قطني ثلاثتهم عن هشام عن أبيه عن عائشة عن حمزة بن عمرو جعلوه من مسند حمزة والمحفوظ أنه من مسند عائشة، ويحتمل أن
(4/179)

يكون هؤلاء لم يقصدوا بقولهم "عن حمزة" الرواية عنه وإنما أرادوا الإخبار عن حكايته فالتقدير عن عائشة عن قصة حمزة أنه سأل، لكن قد صح مجيء الحديث من رواية حمزة، فأخرجه مسلم من طريق أبي الأسود عن عروة عن أبي مراوح عن حمزة، وكذلك رواه محمد بن إبراهيم التيمي عن عروة لكنه أسقط أبا مراوح والصواب إثباته، وهو محمول على أن لعروة فيه طريقين: سمعه من عائشة، وسمعه من أبي مراوح عن حمزة. قوله: "أسرد الصوم" أي أتابعه، واستدل به على أن لا كراهية في صيام الدهر، ولا دلالة فيه لأن التتابع يصدق بدون صوم الدهر، فإن ثبت النهي عن صوم الدهر لم يعارضه هذا الإذن بالسرد، بل الجمع بينهما واضح. قوله: "أأصوم في السفر الخ" قال ابن دقيق العيد: ليس فيه تصريح بأنه صوم رمضان فلا يكون فيه حجة على من منع صيام رمضان في السفر. قلت: وهو كما قال بالنسبة إلى سياق حديث الباب، لكن في رواية أبي مراوح التي ذكرتها عند مسلم أنه قال: "يا رسول الله أجد بي قوة على الصيام في السفر فهل علي جناح؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي رخصة من الله، فن أخذ بها حسن، ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه" وهذا يشعر بأنه سأل عن صيام، الفريضة، وذلك أن الرخصة إنما تطلق في مقابلة ما هو واجب. وأصرح من ذلك ما أخرجه أبو داود والحاكم من طريق محمد بن حمزة بن عمرو عن أبيه أنه قال: "يا رسول الله إني صاحب ظهر أعالجه أسافر عليه وأكريه، وأنه ربما صادفني هذا الشهر - يعني رمضان - وأنا أجد القوة، وأجدني أن أصوم أهون علي من أن أوخره فيكون دينا علي، فقال: أي ذلك شئت يا حمزة".
(4/180)