باب إِذَا أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ ثُمَّ طَلَعَتْ الشَّمْسُ
 
1959- حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَتْ أَفْطَرْنَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ غَيْمٍ ثُمَّ طَلَعَتْ الشَّمْسُ قِيلَ لِهِشَامٍ فَأُمِرُوا بِالْقَضَاءِ قَالَ لاَ بُدَّ مِنْ قَضَاءٍ وَقَالَ مَعْمَرٌ سَمِعْتُ هِشَامًا لاَ أَدْرِي أَقَضَوْا أَمْ لاَ
قوله: "باب إذا أفطر في رمضان" أي ظانا غروب الشمس "ثم طلعت الشمس" أي هل يجب عليه قضاء ذلك
(4/199)

اليوم أو لا. وهي مسألة خلافية، واختلف قول عمر فيها كما سيأتي، والمراد بالطلوع الظهور، وكأنه راعي لفظ الخبر في ذلك. وأيضا فإنه يشعر بأن قرص الشمس كله ظهر مرتفعا، ولو عبر ظهرت لم يفد ذلك. الحديث: قوله: "عن هشام بن عروة" في رواية أبي داود من وجه آخر عن أبي أسامة "حدثنا هشام بن عروة". قوله: "عن فاطمة" زاد أبو داود "بنت المنذر" وهي ابنة عم هشام وزوجته، وأسماء جدتهما جميعا. قوله: "يوم غيم" كذا للأكثر فيه بنصب يوم على الظرفية. وفي رواية أبي داود وابن خزيمة: "في يوم غيم". قوله: "قيل لهشام" في رواية أبي داود "قال أبو أسامة قلت لهشام "وكذا أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه وأحمد في مسنده عن أبي أسامة. قوله: "بد من قضاء" هو استفهام إنكار محذوف الأداة والمعنى لا بد من قضاء، ووقع في رواية أبي ذر "لا بد من القضاء". قوله: "وقال معمر سمعت هشاما يقول لا أدري أقضوا أم لا" هذا التعليق وصله عبد بن حميد قال: "أخبرنا معمر سمعت هشام بن عروة" فذكر الحديث وفي آخره: "فقال إنسان لهشام أقضوا أم لا" ؟ فقال: "لا أدري" وظاهر هذه الرواية تعارض التي قبلها، لكن يجمع بأن جزمه بالقضاء محمول على أنه استند فيه إلى دليل آخر، وأما حديث أسماء فلا يحفظ فيه إثبات القضاء ولا نفيه، وقد اختلف في هذه المسألة فذهب الجمهور إلى إيجاب القضاء، واختلف عن عمر فروى ابن أبي شيبة وغيره من طريق زيد بن وهب عنه ترك القضاء، ولفظ معمر عن الأعمش عن زيد "فقال عمر: لم نقض والله ما يجانفنا الإثم" وروى مالك من وجه آخر عن عمر أنه قال لما أفطر ثم طلعت الشمس "الخطب يسير وقد اجتهدنا" وزاد عبد الرزاق في روايته من هذا الوجه "نقضي يوما" وله من طريق علي بن حنظلة عن أبيه نحوه، ورواه سعيد بن منصور وفيه: "فقال من أفطر منكم فليصم يوما مكانه" وروى سعيد بن منصور من طريق أخرى عن عمر نحوه. وجاء ترك القضاء عن مجاهد والحسن وبه قال إسحاق وأحمد في رواية واختاره ابن خزيمة فقال قول هشام لا بد من القضاء لم يسنده ولم يتبين عندي أن عليهم قضاء، ويرجح الأول أنه لو غم هلال رمضان فأصبحوا مفطرين ثم تبين أن ذلك اليوم من رمضان فالقضاء واجب بالاتفاق فكذلك هذا. وقال ابن التين: لم يوجب مالك القضاء إذا كان في صوم نذر، قال ابن المنير في الحاشية: في هذا الحديث أن المكلفين إنما خوطبوا بالظاهر، فإذا اجتهدوا فأخطئوا فلا حرج عليهم في ذلك.
(4/200)