باب صَوْمِ يَوْمِ الْفِطْرِ
 
1990-حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ قَالَ شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ هَذَانِ يَوْمَانِ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ
(4/238)

صِيَامِهِمَا يَوْمُ فِطْرِكُمْ مِنْ صِيَامِكُمْ وَالْيَوْمُ الْآخَرُ تَأْكُلُونَ فِيهِ مِنْ نُسُكِكُمْ
[الحديث 1990- طرفه في: 5571]
قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ مَنْ قَالَ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ فَقَدْ أَصَابَ وَمَنْ قَالَ مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَقَدْ أَصَابَ
1991- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْفِطْرِ وَالنَّحْرِ وَعَنْ الصَّمَّاءِ وَأَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ فِي الثَوْبٍ الوَاحد"
1992- وَعَنْ صَلاَةٍ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ
قوله: "باب صوم يوم الفطر" أي ما حكمه؟ قال الزين بن المنير: لعله أشار إلى الخلاف فيمن نذر صوم يوم فوافق يوم العيد هل ينعقد نذره أم لا؟ وسأذكر ما قيل في ذلك إن شاء الله تعالى. قوله: "مولى ابن أزهر" في رواية الكشميهني: "مولى بني أزهر" وكذا في رواية مسلم، وسيأتي ذكره في آخر الكلام على الحديث. قوله: "شهدت العيد" زاد يونس عن الزهري في روايته الآتية في الأضاحي "يوم الأضحى". قوله: "هذان" فيه التغليب، وذلك أن الحاضر يشار إليه بهذا والغائب يشار إليه بذاك فلما أن جمعهما اللفظ قال: "هذان" تغليبا للحاضر على الغائب. قوله: "يوم فطركم" برفع يوم إما على أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره أحدهما، أو على البدل من قوله: "يومان" وفي رواية يونس المذكورة "أما أحدهما فيوم فطركم" قيل وفائدة وصف اليومين الإشارة إلى العلة في وجوب فطرهما وهو الفصل من الصوم وإظهار تمامه وحده بفطر ما بعده، والآخر لأجل النسك المتقرب بذبحه ليؤكل منه، ولو شرع صومه لم يكن لمشروعية الذبح فيه معنى فعبر عن علة التحريم بالأكل من النسك لأنه يستلزم النحر ويزيد فائدة التنبيه على التعليل، والمراد بالنسك هنا الذبيحة المتقرب بها قطعا، قيل ويستنبط من هذه العلة تعين السلام للفصل من الصلاة. وفي الحديث تحريم صوم يومي العيد سواء النذر والكفارة والتطوع والقضاء والتمتع وهو بالإجماع، واختلفوا فيمن قدم فصام يوم عيد: فعن أبي حنيفة ينعقد، وخالفه الجمهور، فلو نذر صوم يوم قدوم زيد فقدم يوم العيد فالأكثر لا ينعقد النذر، وعن الحنفية ينعقد ويلزمه القضاء. وفي رواية يلزمه الإطعام، وعن الأوزاعي يقضي إلا إن نوى استثناء العيد، وعن مالك في رواية يقضي إن نوى القضاء وإلا فلا، وسيأتي في الباب الذي يليه عن ابن عمر أنه توقف في الجواب عن هذه المسألة، وأصل الخلاف في هذه المسألة أن النهي هل يقتضي صحة المنهي عنه؟ قال الأكثر: لا، وعن محمد بن الحسن نعم، واحتج بأنه لا يقال للأعمى لا يبصر لأنه تحصيل الحاصل، فدل على أن صوم يوم العيد ممكن، وإذا أمكن ثبت الصحة. وأجيب أن الإمكان المذكور عقلي. والنزاع في الشرعي، والمنهي عنه شرعا غير ممكن فعله شرعا. ومن حجج المانعين أن النفل المطلق إذا نهى عن فعله لم ينعقد لأن المنهي مطلوب الترك سواء كان للتحريم أو للتنزيه، والنفل مطلوب الفعل فلا يجتمع الضدان. والفرق بينه وبين الأمر ذي الوجهين كالصلاة في الدار المغصوبة أن النهي عن الإقامة في المغصوب ليست لذات الصلاة بل للإقامة وطلب الفعل لذات العبادة، بخلاف صوم يوم النحر مثلا فإن النهي فيه لذات الصوم فافترقا. والله أعلم. قوله: "قال أبو
(4/239)

عبد الله" هو المصنف "قال ابن عيينة: من قال مولى ابن أزهر فقد أصاب، ومن قال مولى عبد الرحمن بن عوف فقد أصاب" انتهى. وكلام ابن عيينة هذا حكاه عنه علي بن المديني في "العلل" وقد أخرجه ابن أبي شيبة في مسنده عن ابن عيينة عن الزهري فقال: "عن أبي عبيد مولى ابن أزهر" وأخرجه الحميدي في مسنده عن ابن عيينة "حدثني الزهري سمعت أبا عبيد" فذكر الحديث ولم يصفه بشيء، ورواه عبد الرزاق في مصنفه عن معمر عن الزهري فقال: "عن أبي عبيد مولى عبد الرحمن ابن عوف" وكذا قال جويرية وسعيد الزبيري ومكي بن إبراهيم عن مالك حكاه أبو عمر وذكر أن ابن عيينة أيضا كان يقول فيه كذلك. وقال ابن التين: وجه كون القولين صوابا ما روي أنهما اشتركا في ولائه، وقيل يحمل أحدهما على الحقيقة والآخر على المجاز، وسبب المجاز إما بأنه كان يكثر ملازمة أحدهما إما لخدمته أو للأخذ عنه أو لانتقاله من ملك أحدهما إلى ملك الآخر، وجزم الزبير بن بكار بأنه كان مولى عبد الرحمن ابن عوف، فعلى هذا فنسبته إلى ابن أزهر هي المجازية ولعلها بسبب انقطاعه إليه بعد موت عبد الرحمن ابن عوف، واسم ابن أزهر أيضا عبد الرحمن وهو ابن عم عبد الرحمن بن عوف وقيل ابن أخيه، وقد تقدم له ذكر في الصلاة في حديث كريب عن أم سلمة، ويأتي في أواخر المغازي. قوله: "عن عمرو بن يحيى" هو المازني. قوله: "وعن الصماء" بفتح المهملة وتشديد الميم والمد. قوله: "وأن يحتبي الرجل في الثوب الواحد" زاد الإسماعيلي من طريق خالد الطحان عن عمرو بن يحيى "لا يواري فرجه بشيء" ومن طريق عبد العزيز بن المختار عن عمرو "ليس بين فرجه وبين السماء شيء" وفد سبق الكلام عليه في "باب ما يستر من العورة" في أوائل الصلاة، وسبق الكلام على بقية الحديث في المواقيت.
(4/240)