باب الِاعْتِكَافِ لَيْلًا
 
2032- حدثنا مسدد حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله أخبرني نافع عن بن عمر رضي الله عنهما أن عمر سأل النبي صلى الله عليه وسلم قال ثم كنت نذرت في الجاهلية أن اعتكف ليلة في المسجد الحرام قال فأوف بنذرك"
[الحديث 2032- أطرافه في: 2043، 3144، 4320، 6697]
قوله باب الاعتكاف ليلا أي بغير نهار قوله حدثنا مسدد حدثني يحيى بن سعيد وهو القطان كذا رواه مسدد من مسند بن عمر ووافقه المقدمي وغيره ثم مسلم وغيره وخالفهم يعقوب بن إبراهيم عن يحيى فقال عن بن عمر عن عمر أخرجه النسائي وكذا أخرجه أبو داود عن أحمد لكنه في المسند كما قال مسدد فالله أعلم فاختلف فيه على عبيد الله بن عمر عن نافع وعلى أيوب عن نافع وسيأتي لذلك مزيد بيان في فرض الخمس وفي غزوة حنين قوله أن عمر سأل لم يذكر مكان السؤال وسيأتي في النذر من وجه آخر أن ذلك كان بالجعرانة لما رجعوا من حنين ويستفاد منه الرد على من زعم أن اعتكاف عمر كان قبل المنع من الصيام في الليل لأن غزوة حنين متاخرة عن ذلك قوله كنت نذرت في الجاهلية زاد حفص بن غياث عن عبيد الله ثم مسلم فلما أسلمت سألت وفيه رد على من زعم أن المراد بالجاهلية ما قبل فتح مكة وأنه إنما نذر في الإسلام وأصرح من ذلك ما أخرجه الدارقطني من طريق سعيد بن بشير عن عبيد الله بلفظ نذر عمر أن يعتكف في الشرك قوله أن أعتكف ليلة استدل به على جواز الاعتكاف بغير صوم لأن الليل ليس ظرفا للصوم فلو كان شرطا لآمره النبي صلى الله عليه وسلم به وتعقب بأن في رواية شعبة عن عبيد الله ثم مسلم يوما بدل ليلة فجمع بن حبان وغيره بين الروايتين بأنه نذر اعتكاف يوم وليلة فمن أطلق ليلة أراد بيومها ومن أطلق يوما أراد بليلته وقد ورد الأمر بالصوم في رواية عمرو بن دينار عن بن عمر صريحا لكن إسنادها ضعيف وقد زاد فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له أعتكف وصم أخرجه أبو داود والنسائي من طريق عبد الله بن بديل وهو ضعيف وذكر بن عدي والدارقطني أنه تفرد بذلك عن عمرو بن دينار وروايةمن روى يوما شاذة وقد وقع في رواية سليمان بن بلال الآتية بعد أبواب فاعتكف ليلة فدل على أنه لم يزد على نذره شيئا وأن الاعتكاف لا صوم فيه وأنه لا يشترط له
(4/274)

.حد معين قوله في المسجد الحرام زاد عمرو بن دينار في روايته ثم الكعبة وقد ترجم البخاري لهذا الحديث بعد أبواب من لم ير عليه إذا أعتكف صوما وترجمة هذا الباب مستلزمة للثانية لأن الاعتكاف إذا ساغ ليلا بغير نهار استلزم صحته بغير صيام عكس وباشتراط الصيام قال بن عمر وابن عباس أخرجه عبد الرزاق عنهما بإسناد صحيح وعن عائشة نحوه وبه قال مالك والأوزاعي والحنفية واختلف عن أحمد وإسحاق واحتج عياض بأنه صلى الله عليه وسلم لم يعتكف الا بصوم وفيه نظر لما في الباب الذي بعده أنه أعتكف في شوال كما سنذكره واحتج بعض المالكية بان الله تعالى ذكر الاعتكاف أثر الصوم فقال {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ} وتعقب بأنه ليس فيها ما يدل على تلازمها ولا لكان لا صوم الا باعتكاف ولا قائل به وسنذكر بقية فوائد حديث عمر في كتاب النذور أن شاء الله تعالى وفي الحديث أيضا رد على من قال أقل الاعتكاف عشرة أيام أو أكثر من يوم وقد تقدم نقله في أول الاعتكاف وتظهر فائدة الخلاف فيمن نذر اعتكافا مبهما والله أعلم
(4/275)