باب الْخُرُوجِ فِي التِّجَارَةِ
 
وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى { فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ}
2062-حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ أَخْبَرَنَا مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ أَنَّ أَبَا مُوسَى الأَشْعَرِيَّ اسْتَأْذَنَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ وَكَأَنَّهُ كَانَ مَشْغُولًا فَرَجَعَ أَبُو مُوسَى فَفَرَغَ عُمَرُ فَقَالَ أَلَمْ أَسْمَعْ صَوْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ ائْذَنُوا لَهُ قِيلَ قَدْ رَجَعَ فَدَعَاهُ فَقَالَ كُنَّا نُؤْمَرُ بِذَلِكَ فَقَالَ تَأْتِينِي عَلَى ذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ فَانْطَلَقَ إِلَى مَجْلِسِ الأَنْصَارِ فَسَأَلَهُمْ فَقَالُوا لاَ يَشْهَدُ لَكَ عَلَى هَذَا إِلاَّ أَصْغَرُنَا أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ فَذَهَبَ بِأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فَقَالَ عُمَرُ أَخَفِيَ هَذَا عَلَيَّ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلْهَانِي الصَّفْقُ بِالأَسْوَاقِ يَعْنِي الْخُرُوجَ إِلَى تِجَارَةٍ"
[الحديث2062- طرفاه في : 6245، 7353]
قوله: "باب الخروج في التجارة، وقول الله عز وجل: { انْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّه} قال ابن بطال. هو إباحة بعد حظر كقوله تعالى: { وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} وقال ابن المنير في الحاشية: غرض البخاري إجازة الحركات في التجارة ولو كانت بعيدة خلافا لمن يتنطع ولا يحضر السوق كما سيأتي في مكانه إن شاء الله تعالى. قوله: "أن أبا موسى استأذن على عمر فلم يؤذن له" زاد بشر بن سعيد عن أبي سعيد كما سيأتي في الاستئذان "أنه استأذن ثلاثا". قوله: "فقال كنا نؤمر بذلك" في الرواية المذكورة أنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فليرجع". قوله: "فذهب بأبي سعيد" في الرواية المذكورة "فأخبرت عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك" وفيه الدلالة على أن قول الصحابي "كنا نؤمر بكذا" محمول على الرفع، ويقوى ذلك إذا ساقه مساق الاستدلال، وفيه أن الصحابي الكبير القدر الشديد اللزوم لرسول الله صلى الله عليه وسلم قد يخفى عليه بعض أمره ويسمعه من هو دونه، وادعى بعضهم أنه يستفاد منه أن عمر كان لا يقبل الخبر من شخص واحد، وليس كذلك لأن في بعض طرقه أن عمر قال: إني أحببت أن أتثبت. وستأتي فوائده مستوفاة في كتاب الاستئذان إن شاء الله تعالى. وقد قبل عمر خبر الضحاك بن سفيان وحده في الدية وغير ذلك. قوله: "فقال عمر أخفي علي هذا من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
(4/298)

ألهاني الصفق بالأسواق، يعني الخروج إلى التجارة" كذا في الأصل، وأطلق عمر على الاشتغال بالتجارة لهوا لأنها ألهته عن طول ملازمته النبي صلى الله عليه وسلم حتى سمع غيره منه ما لم يسمعه، ولم يقصد عمر ترك أصل الملازمة وهي أمر نسبي، وكان احتياج عمر إلى الخروج للسوق من أجل الكسب لعياله والتعفف عن الناس، وأما أبو هريرة فكان وحده فلذلك أكثر ملازمته، وملازمة عمر للنبي صلى الله عليه وسلم لا تخفى كما سيأتي في ترجمته في المناقب. واللهو مطلقا ما يلهي سواء كان حراما أو حلالا، وفي الشرع ما يحرم فقط.
(4/299)