باب مَنْ أَحَبَّ الْبَسْطَ فِي الرِّزْقِ
 
2067- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ الْكِرْمَانِيُّ حَدَّثَنَا حَسَّانُ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ مُحَمَّدٌ هُوَ الزُّهْرِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ"
[الحديث 2067- طرفه في: 5986]
قوله: "باب من أحب البسط" أي التوسع "في الرزق" وجواب "من" محذوف تقديره ما في الحديث وهو "فليصل رحمه". ويستفاد منه جواز هذه المحبة خلافا لمن كرهها مطلقا. قوله: "حدثنا محمد بن أبي يعقوب" اسم أبيه إسحاق بن منصور، وقيل إن منصورا اسم أبيه، وقيل إن أبا يعقوب جده الكرماني بكسر الكاف، وذكر الكرماني الشارح أن النووي ضبطها بفتح الكاف وتعقبه، وسلف النووي في ذلك أبو سعيد بن السمعاني وهو أعلم الناس بذلك، فلعل الصواب فيها في الأصل الفتح، ثم كثر استعمالها بالكسر تغييرا من العامة، وقد نزل محمد المذكور البصرة، ووثقه ابن معين وغيره، ولم يعرف أبو حاتم الرازي حاله، وليس له في البخاري سوى هذا الحديث وآخر في تفسير المائدة وآخر في أوائل الأحكام، والثلاثة إسنادها واحد إلى الزهري، وشيخه حسان هو ابن إبراهيم الكرماني ويونس هو ابن يزيد. قوله: "قال محمد هو الزهري" كذا في الأصل. وفي رواية أبي نعيم
(4/301)

من وجه آخر عن حسان عن يونس بن يزيد عن الزهري. قوله: "عن أنس" يأتي في الأدب من وجه آخر عن الزهري أخبرني أنس. قوله: "وينسأ" بضم أوله وسكون النون بعدها مهملة ثم همزة أي يؤخر له، والأثر هنا بقية العمر قال زهير:
والمرء ما عاش ممدود له أمل ... لا ينتهي الطرف حتى ينتهي الأثر
وسيأتي الكلام عليه هناك إن شاء الله تعالى. قال العلماء: معنى البسط في الرزق البركة فيه، وفي العمر حصول القوة في الجسد، لأن صلة أقاربه صدقة والصدقة تربي المال وتزيد فيه فينمو بها ويزكو، لأن رزق الإنسان يكتب وهو في بطن أمه فلذلك احتيج إلى هذا التأويل، أو المعنى أنه يكتب مقيدا بشرط كأن يقال إن وصل رحمه فله كذا وإلا فكذا، أو المعنى بقاء ذكره الجميل بعد الموت. وأغرب الحكيم الترمذي فقال: المراد بذلك قلة البقاء في البرزخ. وقال ابن قتيبة: يحتمل أن يكتب أجل العبد مائة سنة وتزكيته عشرين فإن وصل رحمه زاد التزكية. وقال غيره: المكتوب عند الملك الموكل به غير المعلوم عند الله عز وجل، فالأول يدخل فيه التغيير. وتوجيهه أن المعاملات على الظواهر والمعلوم الباطن خفي لا يعلق عليه الحكم، فذلك الظاهر الذي اطلع عليه الملك هو الذي يدخله الزيادة والنقص والمحو والإثبات، والحكمة فيه إبلاغ ذلك إلى المكلف ليعلم فضل البر وشؤم القطيعة، وسيأتي ذكر هذه المسألة مبسوطة في كتاب القدر، ويأتي الكلام على إيثار الغنى على الفقر في كتاب الرقاق إن شاء الله تعالى.
(4/302)

باب شراء النبي بالنسيئة
...