باب مَا يُسْتَحَبُّ مِنْ الْكَيْلِ
 
2128- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ عَنْ ثَوْرٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ عَنْ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "كِيلُوا طَعَامَكُمْ يُبَارَكْ لَكُمْ"
قوله: "باب ما يستحب من الكيل" أي في المبايعات. قوله: "الوليد" هو ابن مسلم. قوله: "عن ثور" هو ابن يزيد الدمشقي. وفي رواية الإسماعيلي من طريق دحيم "عن الوليد حدثنا ثور". قوله: "عن خالد بن معدان عن المقدام بن معد يكرب" هكذا رواه الوليد وتابعه يحيى بن حمزة عن ثور، وهكذا رواه عبد الرحمن بن مهدي عن ابن المبارك عن ثور أخرجه أحمد عنه وتابعه يحيى بن سعد1 عن خالد بن معدان، وخالفهم أبو الربيع الزهراني عن ابن المبارك فأدخل بين خالد والمقدام جبير بن نفير أخرجه الإسماعيلي أيضا، وروايته من المزيد في متصل
ـــــــ
1 لعله " بحير بن سعيد "وهو السحولي، فإنه يروى عن ابن معدان، وليس في الرواة عن ابن معدان يحيى ين سعد، ولا يحيى بن سعيد. محب الدين
(4/345)

الأسانيد. ووقع في رواية إسماعيل بن عياش عند الطبراني ونفيه1 عنده وعند ابن ماجة كلاهما عن يحيى2 بن سعيد عن خالد بن معدان عن المقدام عن أبي أيوب الأنصاري زاد فيه أبا أيوب، وأشار الدار قطني إلى رجحان هذه الزيادة. قوله: "يبارك لكم" كذا في جميع روايات البخاري، ورواه أكثر من تقدم ذكره فزادوا في آخره: "فيه". قال ابن بطال: الكيل مندوب إليه فيما ينفقه المرء على عياله، ومعنى الحديث أخرجوا بكيل معلوم يبلغكم إلى المدة التي قدرتم، مع ما وضع الله من البركة في مد أهل المدينة بدعوته صلى الله عليه وسلم. وقال ابن الجوزي: يشبه أن تكون هذه البركة للتسمية عليه عند الكيل. وقال المهلب: ليس بين هذا الحديث وحديث عائشة "كان عندي شطر شعير آكل منه حتى طال على فكلته ففني" يعني الحديث الآتي ذكره في الرقاق معارضة، لأن معنى حديث عائشة أنها كانت تخرج قوتها - وهو شيء يسير - بغير كيل فبورك لها فيه مع بركة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما كالته علمت المدة التي يبلغ إليها عند انقضائها ا هـ. وهو صرف لما يتبادر إلى الذهن من معنى البركة، وقد وقع في حديث عائشة المذكور عند ابن حبان: "فما زلنا نأكل منه حتى كالته الجارية فلم نلبث أن فني، ولو لم تكله لرجوت أن يبقى أكثر" وقال المحب الطبري: لما أمرت عائشة بكيل الطعام ناظرة إلى مقتضى العادة غافلة عن طلب البركة في تلك الحالة ردت إلى مقتضى العادة ا هـ. والذي يظهر لي أن حديث المقدام محمول على الطعام الذي يشتري، فالبركة تحصل فيه بالكيل لامتثال أمر الشارع، وإذا لم يمتثل الأمر فيه بالاكتيال نزعت منه لشؤم العصيان، وحديث عائشة محمول على أنها كالته للاختبار فلذلك دخله النقص، وهو شبيه بقول أبي رافع لما قال له النبي صلى الله عليه وسلم في الثالثة "ناولني الذراع، قال وهل للشاة إلا ذراعان فقال: لو لم تقل هذا لناولتني ما دمت أطلب منك "فخرج من شؤم المعارضة انتزاع البركة، ويشهد لما قلته حديث: "لا تحصى فيحصى الله عليك" الآتي. والحاصل أن الكيل بمجرده لا تحصل به البركة ما لم ينضم إليه أمر آخر وهو امتثال الأمر فيما يشرع فيه الكيل، ولا تنزع البركة من المكيل بمجرد الكيل ما لم ينضم إليه أمر آخر كالمعارضة والاختبار والله أعلم. ويحتمل أن يكون معنى قوله: "كيلوا طعامكم" أي إذا ادخرتموه طالبين من الله البركة واثقين بالإجابة، فكان من كاله بعد ذلك إنما يكيله ليتعرف مقداره فيكون ذلك شكا في الإجابة فيعاقب بسرعة نفاده، قاله المحب الطبري. ويحتمل أن تكون البركة التي تحصل بالكيل بسبب السلامة من سوء الظن بالخادم لأنه إذا أخرج بغير حساب قد يفرغ ما يخرجه وهو لا يشعر فيتهم من يتولى أمره بالأخذ منه، وقد يكون بريئا، وإذا كاله أمن من ذلك والله أعلم. وقد قيل: إن في "مسند البزار" أن المراد بكيل الطعام تصغير الأرغفة، ولم أتحقق ذلك ولا خلافه.
ـــــــ
1 كذا في طبعة بولاق "ولعل الصواب " بقية " وهو ابن الوليد عن بحير بن سعيد ---- محب الدين
2 لعله " بحير" بالباء الموحدة والراء وهو المذكور في التعليقين السابقين
(4/346)

باب بركة صاع النبي و مده
...