باب اسْتِئْجَارِ الْمُشْرِكِينَ عِنْدَ الضَّرُورَةِأَوْ إِذَا لَمْ يُوجَدْ أَهْلُ الإِسْلاَمِ
 
وَعَامَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَهُودَ خَيْبَرَ
2263- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَاسْتَأْجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ رَجُلًا مِنْ بَنِي الدِّيلِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَبْدِ بْنِ عَدِيٍّ هَادِيًا خِرِّيتًا الْخِرِّيتُ الْمَاهِرُ بِالْهِدَايَةِ قَدْ غَمَسَ يَمِينَ حِلْفٍ فِي آلِ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ وَهُوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ فَأَمِنَاهُ فَدَفَعَا إِلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا وَوَاعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلاَثِ لَيَالٍ فَأَتَاهُمَا بِرَاحِلَتَيْهِمَا صَبِيحَةَ لَيَالٍ ثَلاَثٍ فَارْتَحَلاَ وَانْطَلَقَ مَعَهُمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ وَالدَّلِيلُ الدِّيلِيُّ فَأَخَذَ بِهِمْ أَسْفَلَ مَكَّةَ وَهُوَ طَرِيقُ السَّاحِلِ"
قوله: "باب استئجار المشركين عند الضرورة، أو إذا لم يوجد أهل الإسلام. وعامل النبي صلى الله عليه وسلم يهود خيبر" هذه الترجمة مشعرة بأن المصنف يرى بامتناع استئجار المشرك حربيا كان أو ذميا إلا عند الاحتياج إلى ذلك كتعذر وجود مسلم يكفي في ذلك. وقد روى عبد الرزاق عن ابن جريج عن ابن شهاب قال: "لم يكن للنبي صلى الله عليه وسلم عمال يعملون بها نخل خيبر وزرعها، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم يهود خيبر فدفعها إليهم" الحديث. وفي استشهاده بقصة معاملة النبي صلى الله عليه وسلم يهود خيبر على أن يزرعوها وباستئجاره الدليل المشرك لما هاجر على ذلك نظر، لأنه ليس فيهما تصريح بالمقصود من منع استئجارهم وكأنه أخذ ذلك من هذين الحديثين مضموما إلى قوله صلى الله عليه وسلم: "إنا لا نستعين بمشرك" أخرجه مسلم وأصحاب السنن، فأراد الجمع بين الأخبار بما ترجم به. قال ابن بطال: عامة الفقهاء يجيزون استئجارهم عند الضرورة وغيرها لما في ذلك من المذلة لهم، وإنما الممتنع أن يؤاجر المسلم نفسه من المشرك لما فيه من إذلال المسلم ا هـ. وحديث معاملة أهل خيبر يأتي في أواخر كتاب الإجارة موصولا، وأشار في الترجمة بقوله: "إذا لم يوجد أهل الإسلام" إلى ما أخرجه أبو داود من طريق حماد بن سلمة عن عبيد الله ابن عمر - أحسبه عن نافع - عن ابن عمر "أن النبي صلى الله عليه وسلم قاتل أهل خيبر" فذكر الحديث وقال فيه: "وأراد أن يجليهم فقالوا: يا محمد دعنا نعمل في هذه الأرض ولنا الشطر ولكم الشطر" الحديث، وإنما أجابهم إلى ذلك لمعرفتهم بما يصلح أرضهم دون غيرهم، فنزل المصنف من لا يعرف منزلة من لم يوجد، وحديث الدليل يأتي الكلام عليه مستوفى في أول الهجرة إن شاء الله تعالى. وقوله في أول الحديث: "استأجر" وقع في رواية الأصيلي وأبي الوقت "واستأجر" بزيادة واو وهي ثابتة في الأصل في نفس الحديث الطويل، لأن القصة معطوفة على قصة قبلها، وقد ساقه المصنف في الترجمة بعدها بسنده الآتي مطولا، ووقع هنا "فاستأجر" بالفاء، ووهم من زعم أن المصنف زاد الواو للتنبيه على أنه اقتطع هذا القدر من الحديث. قوله: "هاديا" زاد الكشميهني في روايته: "خريتا" وهو بكسر المعجمة وتشديد الراء بعدها تحتانية ساكنة ثم مثناة، وقوله: "الماهر بالهداية" كذا وقع في نفس الحديث، وهو مدرج من قول الزهري كما سنبينه هناك، ونحكي الخلاف في تسمية الهادي المذكور. وفي الحديث استئجار المسلم الكافر على هداية الطريق إذا أمن إليه، واستئجار الاثنين واحدا على عمل واحد.
(4/442)

باب إذا استأحر أجير اًليعمل له بعد ثلاثة أيام
...