باب: شُرْبِ الأَعْلَى قَبْلَ الأَسْفَلِ
 
2361- حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: "خَاصَمَ الزُّبَيْرَ رَجُلٌ مِنْ الأَنْصَارِ فَقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يَا زُبَيْرُ اسْقِ ثُمَّ أَرْسِلْ فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: إِنَّهُ ابْنُ عَمَّتِكَ. فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلاَم: اسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ يَبْلُغُ الْمَاءُ الْجَدْرَ ثُمَّ أَمْسِكْ. فَقَالَ الزُّبَيْرُ فَأَحْسِبُ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ}
قوله: "باب شرب الأعلى قبل الأسفل" في رواية الحموي والكشميهني قبل السفلى، والأول أولى، وكأنه يشير إلى ما وقع في مرسل سعيد بن المسيب في هذه القصة "فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسقي الأعلى ثم الأسفل. قال العلماء: الشرب من نهر أو مسيل غير مملوك يقدم الأعلى فالأعلى، ولا حق للأسفل حتى يستغني الأعلى، وحده أن يعطي الماء الأرض حتى لا تشريه ويرجع إلى الجدار ثم يطلقه. قوله: "ثم أرسل" كذا للأكثر، وللكشميهني: "ثم أرسل الماء". قوله: "اسق يا زبير حتى يبلغ" في رواية كريمة والأصيلي: "اسق يا زبير ثم يبلغ الماء الجدر"، وسقط من رواية أبي ذر ذكر الماء، زاد في التفسير من وجه آخر عن معمر "ثم أرسل الماء إلى جارك، واستوعى للزبير حقه في صريح الحكم حين أحفظه الأنصاري" وفي رواية شعيب في الصلح "فاستوعى للزبير حينئذ حقه، وكان قبل ذلك أشار على الزبير برأي فيه سعة له وللأنصاري" فقوله استوعى أي استوفى، وهو من الوعي كأنه جمعه له في وعائه، وقوله: "أحفظه" بالمهملة والظاء المشالة أي أغضبه، قال الخطابي: هذه الزيادة يشبه أن تكون من كلام الزهري، وكانت عادته أن يصل بالحديث من كلامه ما يظهر له من معنى الشرح والبيان. قلت: لكن الأصل في الحديث أن يكون حكمه كله واحدا حتى يرد ما يبين ذلك، ولا يثبت الإدراج بالاحتمال. قال الخطابي
(5/38)

وغيره: وإنما حكم صلى الله عليه وسلم على الأنصاري في حال غضبه - مع نهيه أن يحكم الحاكم وهو غضبان - لأن النهي معلل بما يخاف على الحاكم من الخطأ والغلط، والنبي صلى الله عليه وسلم مأمون لعصمته من ذلك حال السخط.
(5/39)