باب: النُّهْبَى بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهِ وَقَالَ عُبَادَةُ بَايَعْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لاَ نَنْتَهِبَ
 
2474- حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَدِيُّ بْنُ ثَابِتٍ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ الأَنْصَارِيَّ وَهُوَ جَدُّهُ أَبُو أُمِّهِ قَالَ: "نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ النُّهْبَى وَالْمُثْلَةِ"
[الحديث 2474- طرفه في: 5516]
2475- حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ حَدَّثَنَا عُقَيْلٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لاَ يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلاَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلاَ يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلاَ يَنْتَهِبُ نُهْبَةً يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ وَعَنْ سَعِيدٍ وَأَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.. مِثْلَهُ، إِلاَّ النُّهْبَةَ"
(5/119)

قال الفربري: وجدت بخط أبي جعفر "قال أبو عبد الله: تفسيره أن ينزع منه، يريد الإيمان"
[الحديث 2475- أطرافه في: 5578 ، 6772 ، 6810]
قوله: "باب النهبى بغير إذن صاحبه" أي صاحب الشيء المنهوب، والنهبى بضم النون فعلى من النهب، وهو أخذ المرء ما لبس له جهارا، ونهب مال الغير غير حائز، ومفهوم الترجمة أنه إذا أذن جاز، ومحله في المنهوب المشاع كالطعام يقدم للقوم فلكل منهم أن يأخذ مما يليه ولا يجذب من غيره إلا برضاه، وبنحو ذلك فسره النخعي وغيره، وكره مالك وجماعة النهب في نثار العرس، لأنه إما أن يحمل على أن صاحبه أذن للحاضرين في أخذه فظاهره يقتضي التسوية والنهب يقتضي خلافها، وإما أن يحمل على أنه علق التمليك على ما يحصل لكل أحد، ففي صحته اختلاف فلذلك كرهه. وسيأتي لذلك مزيد بيان في أول كتاب الشركة إن شاء الله تعالى. قوله: "وقال عبادة: بايعنا النبي صلى الله عليه وسلم على أن لا ننتهب" هذا طرف من حديث وصله المؤلف في "وفود الأنصار" وقد تقدمت الإشارة إليه في أوائل كتاب الإيمان، وكان من شأن الجاهلية انتهاب ما يحصل لهم من الغارات، فوقعت البيعة على الزجر عن ذلك. قوله: "سمعت عبد الله بن يزيد" كذا للأكثر، وللكشميهني وحده "ابن زيد" وهو تصحيف. قوله: "وهو" يعني عبد الله "جده" أي جد عدي لأمه، واسم أمه فاطمة وتكنى أم عدي، وعبد الله بن يزيد هو الخطمي مضى ذكره في الاستسقاء، وليس له عن النبي صلى الله عليه وسلم في البخاري غير هذا الحديث، وله فيه عن الصحابة غير هذا. وقد اختلف في سماعه من النبي صلى الله عليه وسلم. وروى هذا الحديث يعقوب بن إسحاق الحضرمي عن شعبة فقال فيه: "عن عدي عن عبد الله بن يزيد عن أبي أيوب الأنصاري" أشار إليه الإسماعيلي، وأخرجه الطبراني، والمحفوظ عن شعبة ليس فيه أبو أيوب. وفيه اختلاف آخر على عدي بن ثابت كما سيأتي في كتاب الذبائح. وفي النهي عن النهبة حديث جابر عند أبي داود بلفظ: "من انتهب فليس منا" وحديث أنس عند الترمذي مثله، وحديث عمران عند ابن حبان مثله، وحديث ثعلبة بن الحكم بلفظ: "إن النهبة لا تحل" عند ابن ماجة، وحديث زيد بن خالد عند أحمد "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النهبة" . قوله: "عن النهبى والمثلة" بضم الميم وسكون المثلثة، ويجوز فتح الميم وضم المثلثة، وسيأتي شرحها في كتاب الذبائح إن شاء الله تعالى. ثم أورد المصنف حديث: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن" الحديث، وفيه: "ولا ينتهب نهبة ترفع الناس إليه فيها أبصارهم" ومنه يستفاد التقييد بالإذن في الترجمة لأن رفع البصر إلى المنتهب في العادة لا يكون إلا عند عدم الإذن، وسيأتي الكلام عليه مستوفى في كتاب الحدود إن شاء الله تعالى. قوله: "وعن سعيد" يعني ابن المسيب "وأبي سلمة" يعني ابن عبد الرحمن "عن أبي هريرة مثله إلا النهبة" يعني أن الزهري روى الحديث عن هؤلاء الثلاثة عن أبي هريرة فانفرد أبو بكر بن عبد الرحمن بزيادة ذكر النهبة فيه، وظاهره أن الحديث عند عقيل عن الزهري عن الثلاثة على هذا الوجه، وقد أخرجه في الحدود فقال فيه: "عن ابن شهاب عن سعيد وأبي سلمة مثله إلا النهبة" ورواه مسلم من طريق الأوزاعي عن الزهري عن الثلاثة بتمامه، وكأن الأوزاعي حمل رواية سعيد وأبي سلمة على رواية أبي بكر، والذي فصلها أحفظ منه فهو المحفوظ، وسيأتي مزيد بيان لذلك في كتاب الحدود إن شاء الله تعالى. قوله: "قال الفربري: وجدت بخط أبي جعفر" هو ابن أبي حاتم وراق البخاري، "قال أبو عبد الله" هو المصنف "تفسيره" أي تفسير النفي في قوله: "لا يزني وهو مؤمن" "أن ينزع منه، يريد
(5/120)

الإيمان(1)" وهذا التفسير تلقاه البخاري من ابن عباس، فسيأتي في أول الحدود "وقال ابن عباس: ينزع منه نور الإيمان" وسنذكر هناك من وصله ومن وافقه على هذا التأويل ومن خالفه إن شاء الله تعالى.
(5/121)