باب: إِذَا قَالَ رَجُلٌ لِعَبْدِهِ هُوَ لِلَّهِ وَنَوَى الْعِتْقَ وَالإِشْهَادِ فِي الْعِتْقِ
 
2530- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ "عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ لَمَّا أَقْبَلَ يُرِيدُ الإِسْلاَمَ - وَمَعَهُ غُلاَمُهُ - ضَلَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ فَأَقْبَلَ بَعْدَ ذَلِكَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ جَالِسٌ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقال النبي صلى الله عليه وسلم: "يَا أَبَا هُرَيْرَةَ هَذَا غُلاَمُكَ قَدْ أَتَاكَ، فَقَالَ: أَمَا إِنِّي أُشْهِدُكَ أَنَّهُ حُرٌّ. قَالَ فَهُوَ حِينَ يَقُولُ:
يَا لَيْلَةً مِنْ طُولِهَا وَعَنَائِهَا ... عَلَى أَنَّهَا مِنْ دَارَةِ الْكُفْرِ نَجَّتِ
[الحديث 2530- أطرافه في: 2531 ، 3532 ، 4393]
2531- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ قَيْسٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "لَمَّا قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ فِي الطَّرِيقِ:
يَا لَيْلَةً مِنْ طُولِهَا وَعَنَائِهَا ... عَلَى أَنَّهَا مِنْ دَارَةِ الْكُفْرِ نَجَّتِ
قَالَ: وَأَبَقَ مِنِّي غُلاَمٌ لِي فِي الطَّرِيقِ، قَالَ: فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَايَعْتُهُ، فَبَيْنَا أَنَا عِنْدَهُ إِذْ طَلَعَ الْغُلاَمُ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، هَذَا غُلاَمُكَ فَقُلْتُ: هُوَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ، فَأَعْتَقْتُهُ"
قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: لَمْ يَقُلْ أَبُو كُرَيْبٍ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ "حُرٌّ"
2532- حَدَّثَنَا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ قَالَ: "لَمَّا أَقْبَلَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَمَعَهُ غُلاَمُهُ - وَهُوَ يَطْلُبُ الإِسْلاَمَ فَضَلَّ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ - بِهَذَا وَقَالَ - أَمَا إِنِّي أُشْهِدُكَ أَنَّهُ لِلَّهِ"
قوله "باب إذا قال" أي الشخص "لعبده" وفي رواية الأصيلي وكريمة: "إذا قال رجل لعبده": "هو لله ونوى العتق" أي صح. قوله: "والإشهاد في العتق" قيل هو بجر الإشهاد، أي وباب الإشهاد في العتق، وهو مشكل لأنه إن قدر منونا احتاج إلى خبر، وإلا لزم حذف التنوين من الأول ليصح العطف عليه وهو بعيد، والذي يظهر أن يقرأ: "والإشهاد" بالضم فيكون معطوفا على باب لا على ما بعده، وباب بالتنوين، ويجوز أن يكون التقدير: وحكم الإشهاد في العتق، قال: المهلب لا خلاف بين العلماء إذا قال لعبده هو لله ونوى العتق أنه يعتق، وأما الإشهاد في العتق فهو من حقوق المعتق، وإلا فقد تم العتق وإن لم يشهد. قلت: وكأن المصنف أشار إلى تقييد ما رواه هشيم عن مغيرة "أن رجلا قال لعبده أنت لله، فسئل الشعبي وإبراهيم وغيرهما فقالوا: هو حر" أخرجه ابن أبي شيبة، فكأنه قال محل ذلك إذا نوى العتق، وإلا فلو قصد أنه لله بمعنى غير العتق لم يعتق. قوله: "عن إسماعيل" هو ابن أبي خالد، وقيس هو ابن أبي حازم، ورجاله كوفيون إلا الصحابي. قوله: "لما أقبل يريد
(5/162)

الإسلام" ظاهره أنه لم يكن أسلم بعد. قوله: "ومعه غلامه" لم أقف على اسمه. قوله: "ضل كل واحد" أي ضاع. قوله: "فهو حين يقول" أي الوقت الذي وصل فيه إلى المدينة، وقوله في الطريق الثانية "قلت في الطريق" أي عند انتهائه، وظاهره أن الشعر من نظم أبي هريرة، وقد نسبه بعضهم إلى غلامه حكاه ابن التين، وحكى الفاكهي في "كتاب مكة" عن مقدم بن حجاج السوائي أن البيت المذكور لأبي مرثد الغنوي في قصة له، فعلى هذا فيكون أبو هريرة قد تمثل به. قوله في الشعر "يا ليلة" كذا في جميع الروايات. قال الكرماني: ولا بد من إثبات فاء أو واو في أوله ليصير موزونا، وفيه نظر لأن هذا يسمى في العروض الخرم بالمعجمة المفتوحة والراء الساكنة، وهو أن يحذف من أول الجزء حرف من حروف المعاني، وما جاز حذفه لا يقال لا بد من إثباته، وذلك أمر معروف عند أهله. قوله: "وعنائها" بفتح العين وبالنون والمد أي تعبها، و "دارة الكفر" الدارة أخص من الدار، وقد كثر استعمالها في أشعار العرب كقول امرئ القيس: ولا سيما يوما بدارة جلجل. قوله: في الطريق الثانية "حدثنا عبيد الله بن سعيد" هو أبو قدامة السرخسي كذا في جميع الروايات التي اتصلت لنا "عبيد الله" بالتصغير، وفي "مستخرج أبي نعيم": أخرجه البخاري عن أبي سعيد الأشج، وأبو سعيد اسمه عبد الله مكبر فهذا محتمل، وذكر أبو مسعود وخلف أنه أخرجه هنا عن عبيد بن إسماعيل، وعبيد بغير إضافة ممن يروي في البخاري عن أبي أسامة، إلا أن الذي وقفت عليه هو الذي قدمت ذكره والله أعلم. قوله: "وأبق" بفتح الموحدة وحكى ابن القطاع كسرها. قوله: "قلت هو حر لوجه الله فأعتقه" أي باللفظ المذكور، وليس المراد أنه أعتقه بعد ذلك، وهذه الفاء هي التفسيرية. قوله: "لم يقل أبو كريب عن أبي أسامة حر" وصله في أواخر المغازي فقال: "حدثنا محمد بن العلاء وهو أبو كريب حدثنا أبو أسامة" وساق الحديث وقال في آخره: "هو لوجه الله فأعتقه" وكذا أخرجه أحمد بن حنبل ومحمد بن سعد عن أبي أسامة. وكذا أخرجه الإسماعيلي من وجهين عن أبي أسامة ليس فيه: "حر" وكذا أخرجه أبو نعيم من وجهين عن أبي أسامة أثبت قوله: "حر " في أحدهما، ووقع في بعض النسخ من البخاري "هو حر لوجه الله" وهو خطأ ممن ذكره عن البخاري في هذه الرواية لتصريحه بنفيه عن شيخه بعينه. قوله: في الطريق الأخيرة "فضل أحدهما صاحبه" بالنصب على نزع الخافض، وأصله "من صاحبه" كما في الطريق الأولى، ولو كانت أضل معداة بالهمز لم يحتج إلى تقدير، وقد ثبت كذلك في بعض الروايات، وفي الحديث استحباب العتق عند بلوغ الغرض والنجاة من المخاوف، وفيه جواز قول الشعر وإنشاده والتمثل به والتألم من النصب والسهر وغير ذلك.
(5/163)