باب: مَنْ اسْتَوْهَبَ مِنْ أَصْحَابِهِ شَيْئًا
 
وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ سَهْمًا"
2569- حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسَلَ إِلَى امْرَأَةٍ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَكَانَ لَهَا غُلاَمٌ نَجَّارٌ قَالَ لَهَا مُرِي عَبْدَكِ فَلْيَعْمَلْ لَنَا أَعْوَادَ الْمِنْبَرِ فَأَمَرَتْ عَبْدَهَا فَذَهَبَ فَقَطَعَ مِنْ الطَّرْفَاءِ فَصَنَعَ لَهُ مِنْبَرًا فَلَمَّا قَضَاهُ أَرْسَلَتْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ قَدْ قَضَاهُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْسِلِي بِهِ إِلَيَّ فَجَاءُوا بِهِ فَاحْتَمَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعَهُ حَيْثُ تَرَوْنَ"
2570- حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ السَّلَمِيِّ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "كُنْتُ يَوْمًا جَالِسًا مَعَ رِجَالٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَنْزِلٍ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ - وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَازِلٌ أَمَامَنَا - وَالْقَوْمُ مُحْرِمُونَ وَأَنَا غَيْرُ مُحْرِمٍ، فَأَبْصَرُوا حِمَارًا وَحْشِيًّا - وَأَنَا مَشْغُولٌ أَخْصِفُ نَعْلِي - فَلَمْ يُؤْذِنُونِي بِهِ، وَأَحَبُّوا لَوْ أَنِّي أَبْصَرْتُهُ وَالْتَفَتُّ فَأَبْصَرْتُهُ فَقُمْتُ إِلَى الْفَرَسِ فَأَسْرَجْتُهُ ثُمَّ رَكِبْتُ وَنَسِيتُ السَّوْطَ وَالرُّمْحَ فَقُلْتُ لَهُمْ نَاوِلُونِي السَّوْطَ وَالرُّمْحَ فَقَالُوا لاَ وَاللَّهِ لاَ نُعِينُكَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فَغَضِبْتُ فَنَزَلْتُ فَأَخَذْتُهُمَا ثُمَّ رَكِبْتُ فَشَدَدْتُ عَلَى الْحِمَارِ فَعَقَرْتُهُ ثُمَّ جِئْتُ بِهِ وَقَدْ مَاتَ فَوَقَعُوا فِيهِ يَأْكُلُونَهُ ثُمَّ إِنَّهُمْ شَكُّوا فِي أَكْلِهِمْ إِيَّاهُ وَهُمْ حُرُمٌ، فَرُحْنَا - وَخَبَأْتُ الْعَضُدَ مَعِي - فَأَدْرَكْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: مَعَكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ؟ فَقُلْتُ نَعَمْ فَنَاوَلْتُهُ الْعَضُدَ فَأَكَلَهَا حَتَّى نَفِدَهَا وَهُوَ مُحْرِمٌ" فَحَدَّثَنِي بِهِ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قوله: "باب من استوهب من أصحابه شيئا" أي سواء كان عينا أو منفعة جاز، أي بغير كراهة في ذلك إذا كان يعلم طيب أنفسهم. قوله: "وقال أبو سعيد" هو الخدري. قوله: "اضربوا لي معكم سهما" هو طرف من حديث الرقية وقد تقدم بتمامه مشروحا في كتاب الإجارة. قوله: "حدثنا أبو غسان" هو محمد بن مطرف، وسهل هو ابن سعد، وتقدم الحديث مشروحا في كتاب الجمعة، وفيه استيهابه من المرأة منفعة غلامها، وقد سبق ما نقل في تسمية كل منهما. وأغرب الكرماني هنا فزعم أن اسم المرأة مينا وهو وهم، وإنما قيل ذلك في اسم النجار كما تقدم
(5/200)

وأن قول أبي غسان في هذه الرواية إن المرأة من المهاجرين وهم، ويحتمل أن تكون أنصارية حالفت مهاجريا وتزوجت به أو بالعكس، وقد ساقه ابن بطال في هذا الموضع بلفظ: "امرأة من الأنصار" والذي في النسخ التي وقفت عليها من البخاري ما وصفته. قوله: "حدثنا عبد العزيز بن عبد الله" هو الأويسي، والإسناد كله مدنيون، وقد تقدم حديث أبي قتادة مشروحا في كتاب الحج، وفيه طلب أبي قتادة من أصحابه مناولته رمحه وإنما امتنعوا لكونهم كانوا محرمين، وفيه أيضا قوله صلى الله عليه وسلم: "هل معكم منه شيء" وقد ذكرت هناك رواية من زاد فيه: "كلوا وأطعموني" ولعل المصنف أشار إلى هذه الزيادة. وقوله: "فحدثني به زيد بن أسلم" قال ذلك محمد بن جعفر راويه عن أبي حازم، وهو ابن أبي كثير أخو إسماعيل. وقوله فيه: "أخصف نعلي" بمعجمة ثم مهملة مكسورة أي أجعل لها طاقا، كأنها كانت انخرقت فأبدلها. وأغرب الداودي فقال: أعمل لها شسعا، وقوله: "حتى نفدها" بتشديد الفاء المفتوحة أي فرغ من أكلها كلها، وروي بكسر الفاء والتخفيف، ورده ابن التين. قال ابن بطال: استيهاب الصديق حسن إذا علم أن نفسه تطيب به، وإنما طلب النبي صلى الله عليه وسلم من أبي سعيد وكذا من أبي قتادة وغيرهما ليؤنسهم به ويرفع عنهم اللبس في توقفهم في جواز ذلك. وقوله في السند "عبد الله بن أبي قتادة السلمي" هو بفتح اللام وهذا مشهور في الأنصار، وذكر ابن الصلاح أن من قاله بكسر اللام لحن، وليس كما قال بل كسر اللام لغة معروفة وهي الأصل، ويتعجب من خفاء ذلك عليه.
(5/201)

باب من اسبسقى وقال سهل (قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: اسقني)
...