باب: إِذَا عَدَّلَ رَجُلٌ أَحَدًا فَقَالَ لاَ نَعْلَمُ إِلاَّ خَيْرًا، أَوْ قَالَ مَا عَلِمْتُ إِلاَّ خَيْرًا
 
وساق حديث الإفك فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأسامة حين استشاره، فقال: أهلك ولا نعلم إلا خيراً
2637- حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ النُّمَيْرِيُّ حَدَّثَنَا ثوبانُ، وَقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: "أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَابْنُ الْمُسَيَّبِ وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَبَعْضُ حَدِيثِهِمْ يُصَدِّقُ بَعْضًا حِينَ قَالَ: لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ مَا قَالُوا فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا وَأُسَامَةَ حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحْيُ يَسْتَأْمِرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ فَأَمَّا أُسَامَةُ فَقَالَ أَهْلُكَ وَلاَ نَعْلَمُ إِلاَّ خَيْرًا وَقَالَتْ بَرِيرَةُ إِنْ رَأَيْتُ عَلَيْهَا أَمْرًا أَغْمِصُهُ أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا فَتَأْتِي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ. فَقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ يَعْذِرُنَا فِي رَجُلٍ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِ بَيْتِي فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ مِنْ أَهْلِي إِلاَّ خَيْرًا وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلًا مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلاَّ خَيْرًا"
قوله: "باب إذا عدل رجل رجلا فقال: لا نعلم إلا خيرا أو ما علمت إلا خيرا" وفي رواية الكشميهني: "أحدا" بدل "رجلا". قال ابن بطال: حكى الطحاوي عن أبي يوسف أنه قال. إذا قال ذلك قبلت شهادته، ولم يذكر خلافا
(5/248)

عن الكوفيين في ذلك، واحتجوا بحديث الإفك. وقال مالك: لا يكون ذلك تزكية حتى يقول رضا أي بالقصر. وقال الشافعي: حتى يقول عدل، وفي قول: عدل علي ولي. ولا بد من معرفة المزكي حاله الباطنة. والحجة لذلك أنه لا يلزم من أنه لا يعلم منه إلا الخير أن لا يكون فيه شر. وأما احتجاجهم بقصة أسامة فأجاب المهلب بأن ذلك وقع في العصر الذي زكى الله أهله، وكانت الجرحة فيهم شاذة، فكفى في تعديلهم أن يقال: لا أعلم إلا خيرا، وأما اليوم فالجرحة في الناس أغلب، فلا بد من التنصيص على العدالة. قلت: لم يبت البخاري الحكم في الترجمة، بل أوردها مورد السؤال لقوة الخلاف فيها. قوله: "وساق حديث الإفك فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لأسامة حين استشاره، فقال: أهلك ولا نعلم إلا خيرا" كذا لأبي ذر، ولم يقع هذا كله عند الباقين، وهو اللائق لأن حديث الإفك قد ذكر في الباب موصولا، وإن كان اختصره، وسيأتي مطولا أيضا بعد أبواب، ويأتي الكلام عليه في تفسير سورة النور قوله: "وقال الليث حدثني يونس" وصله هناك أيضا، وقوله: "أهلك ولا نعلم إلا خيرا" بنصب أهلك للأكثر على الإغراء، أو على فعل محذوف تقديره أمسك أهلك، ولبعضهم بالرفع أي هم أهلك، قال ابن المنير: التعديل إنما هو تنفيذ للشهادة، وعائشة رضي الله عنها لم تكن شهدت ولا كانت محتاجة إلى التعديل لأن الأصل البراءة، وإنما كانت محتاجة إلى نفي التهمة عنها حتى تكون الدعوى عليها بذلك غير مقبولة ولا شبهه فيكفي في هذا القدر هذا اللفظ فلا يكون فيه لمن اكتفى في التعديل بقوله: "لا أعلم إلا خيرا" حجة.
(5/249)