باب: الشُّهَدَاءِ الْعُدُولِ، وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى [الطلاق، و282البقرة]:
 
{وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ - وَ - مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ}
2641- حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُتْبَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ: "إِنَّ أُنَاسًا كَانُوا يُؤْخَذُونَ بِالْوَحْيِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّ الْوَحْيَ قَدْ انْقَطَعَ وَإِنَّمَا نَأْخُذُكُمْ الْآنَ بِمَا ظَهَرَ لَنَا مِنْ أَعْمَالِكُمْ فَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا خَيْرًا أَمِنَّاهُ وَقَرَّبْنَاهُ وَلَيْسَ إِلَيْنَا مِنْ سَرِيرَتِهِ شَيْءٌ اللَّهُ يُحَاسِبُهُ فِي سَرِيرَتِهِ وَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا سُوءًا لَمْ نَأْمَنْهُ وَلَمْ نُصَدِّقْهُ وَإِنْ قَالَ إِنَّ سَرِيرَتَهُ حَسَنَةٌ"
قوله: "باب الشهداء العدول، وقول الله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُم ْ - وَ - مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} أي وقوله تعالى: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ} فالواو عاطفة من كلام المصنف لا من التلاوة، والعدل والرضا عند الجمهور من يكون
(5/251)

مسلما مكلفا حرا غير مرتكب كبيرة ولا مصر على صغيرة، زاد الشافعي: وأن يكون ذا مروءة. ويشترط في قبول شهادته أن لا يكون عدوا للمشهود عليه، ولا متهما فيها بجر نفع ولا دفع ضر، ولا أصلا للمشهود له ولا فرعا منه. واختلف في تفاصيل من ذلك وغيره كما سيأتي بعض ذلك في بعض التراجم إن شاء الله تعالى. قوله: "أن عبد الله بن عتبة" أي ابن مسعود، وهو ابن أخي عبد الله بن مسعود، سمع من كبار الصحابة وله رؤية، وحديثه هذا عن عمر أغفله المزي في "الأطراف" والمرفوع منه ما أشار إليه مما كان الناس عليه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: "وإن الوحي قد انقطع" أي بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم والمراد انقطاع أخبار الملك عن الله تعالى لبعض الآدميين بالأمر في اليقظة. وفي رواية أبي فراس عن عمر عند الحاكم "إنا كنا نعرفكم إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذ الوحي ينزل وإذ يأتينا من أخباركم" وأراد أن النبي قد انطلق ورفع الوحي. قوله: "فمن أظهر لنا خيرا أمناه" بهمزة بغير مد وميم مكسورة ونون مشددة من الأمن أي صيرناه عندنا أمينا، وفي رواية أبي فراس "ألا ومن يظهر منكم خيرا ظننا به خيرا وأحببناه عليه". قوله: "الله يحاسب" كذا لأبي ذر عن الحموي بحذف المفعول، وللباقين "الله محاسبه" بميم أوله وهاء آخره. قوله: "سوءا" في رواية الكشميهني: "شرا" وفي رواية أبي فراس "ومن يظهر لنا شرا ظننا به شرا وأبغضناه عليه؛ سرائركم فيما بينكم وبين ربكم" قال المهلب: هذا إخبار من عمر عما كان الناس عليه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعما صار بعده، ويؤخذ منه أن العدل من لم توجد منه الريبة وهو قول أحمد وإسحاق كذا قال، وهذا إنما هو في حق المعروفين لا من لا يعرف حاله أصلا.
(5/252)