باب: تَعْدِيلِ كَمْ يَجُوزُ؟
 
2643- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "مُرَّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجَنَازَةٍ فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا خَيْرًا فَقَالَ وَجَبَتْ ثُمَّ مُرَّ بِأُخْرَى فَأَثْنَوْا عَلَيْهَا شَرًّا أَوْ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ فَقَالَ وَجَبَتْ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قُلْتَ لِهَذَا وَجَبَتْ وَلِهَذَا وَجَبَتْ قَالَ شَهَادَةُ الْقَوْمِ الْمُؤْمِنُونَ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الأَرْضِ"
2643- حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا داود بن أبي الفرات حدثنا عبد الله بن بريدة عن أبي الأسود قال: "أتيت المدينة وقد وقع بها مرض وهم يموتون موتاً ذريعاً، فجلست إلى عمر رضي الله عنه، فمرت جنازة فأثني خيراً، فقال عمر: وجبت. ثم مر بأخرى فأثني خيراً فقال عمر: وجبت. ثم مر بالثالثة فأثني شراً فقال: وجبت. فقلت: ما وجبت يا أمير المؤمنين؟ قال قلت كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: أيما مسلم شهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة. قلنا: وثلاثة؟ قال: وثلاثة. قلت واثنان؟ قال: واثنان. ثم لم نسأله عن الواحد"
قوله: "باب" بالتنوين "تعديل كم يجوز" أي هل يشترط في قبول التعديل عدد معين؟ أورد فيه حديثي أنس وعمر في ثناء الناس بالخير والشر على الميتين، وفيهما قوله عليه الصلاة والسلام "وجبت" وقد تقدم شرحه مستوفى في كتاب الجنائز، وحكيت عن ابن المنير أنه قال في حاشيته: قال ابن بطال فيه إشارة إلى الاكتفاء بتعديل واحد
(5/252)

وذكرت أن فيه غموضا، وكأن وجهه أن في قوله: "ثم لم نسأله عن الواحد" إشعارا بعيدا بأنهم كانوا يعتمدون قول الواحد في ذلك لكنهم لم يسألوا عن حكمه في ذلك المقام، وسيأتي للمصنف بعد أبواب التصريح بالاكتفاء في شهداء التزكية بواحد، وكأنه لم يصرح به هنا لما فيه من الاحتمال. قوله: "شهادة القوم" هو مبتدأ وخبره محذوفه تقديره مقبولة أو هو خبر مبتدأ محذوف تقديره هذه شهادة القوم، ووقع في رواية الأصيلي: "شهادة" بالنصب بتقدير فعل ناصب. قوله: "المؤمنون شهداء الله في الأرض" كذا للأكثر، والمؤمنون مبتدأ خبره شهداء، وفي رواية المستملي والسرخسي "شهادة القوم المؤمنين شهداء الله في الأرض" وشهداء على هذا خبر مبتدأ محذوف تقديره هم شهداء. وقال السهيلي: رواه بعضهم برفع القوم. فإن كانت الرواية بتنوين "شهادة" فهي على إضمار المبتدأ أي هذه شهادة، ثم استأنف فقال: "القوم المؤمنون شهداء الله في الأرض" فالقوم مبتدأ والمؤمنون نعت أو بدل وما بعده خبر، قال: وأكثر ما ورد في الحديث حذف المنعوت، لأن الحكم يتعلق بالصفة فلا يحتاج لذكر الموصوف. ثم حكى وجهين آخرين فيهما تكلف، ولم يقع في شيء من الروايات بالتنوين ولا سيما مع رواية من رواه بنصب المؤمنين.
(5/253)