باب: كَيْفَ يُكْتَبُ "هَذَا مَا صَالَحَ فُلاَنُ بْن فُلاَنٍ وَفُلاَنُ بْن فُلاَنٍ" وَإِنْ لَمْ يَنْسُبْهُ إِلَى قَبِيلَتِهِ أَوْ نَسَبِهِ
 
2698- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: لَمَّا صَالَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ الْحُدَيْبِيَةِ كَتَبَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بَيْنَهُمْ كِتَابًا فَكَتَبَ "مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ" فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ لاَ تَكْتُبْ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ لَوْ كُنْتَ رَسُولًا لَمْ نُقَاتِلْكَ فَقَالَ لِعَلِيٍّ امْحُهُ فَقَالَ عَلِيٌّ مَا أَنَا بِالَّذِي أَمْحَاهُ فَمَحَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ وَصَالَحَهُمْ عَلَى أَنْ يَدْخُلَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَلاَ يَدْخُلُوهَا إِلاَّ بِجُلُبَّانِ السِّلاَحِ فَسَأَلُوهُ مَا جُلُبَّانُ السِّلاَحِ فَقَالَ الْقِرَابُ بِمَا فِيهِ"
2699- حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء رضي الله عنه قال: "اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة، فأبى أهل مكة أن يدعوه يدخل مكة حتى قاضاهم على أن يقيم بها ثلاثة أيام. فلما كتبوا الكتاب كتبوا: هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: لا نقر بها، فلو نعلم أنك رسول الله ما منعناك، لكن أنت محمد عبد الله. قال: أنا رسول الله، وأنا محمد بن عبد الله ، ثم قال لعلي: امح "رسول الله" قال: لا والله لا أمحوك أبداً، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب فكتب: هذا
(5/303)

ما قاضى عليه محمد بن عبد الله لا يدخل مكة سلاح إلا في القراب، وأن لا يخرج من أهلها بأحد إن أراد أن يتبعه، وأن لا يمنع أحدا من أصحابه أراد أن يقيم بها. فلما دخلها ومضى الأجل أتوا علياً فقالوا: قل لصاحبك أخرج عنا فقد مضى الأجل. فخرج النبي صلى الله عليه وسلم، فتبعتهم ابنة حمزة - يا عم، يا عم - فتناولها علي فأخذ بيدها وقال لفاطمة: دونك ابنة عمك احمليها. فاختصم فيها علي وزيد وجعفر. فقال علي: أنا أحق بها وهي ابنة عمي وخالتها تحتي. وقال زيد ابنة أخي فقضى بها النبي صلى الله عليه وسلم لخالتها وقال: الخالة بمنزلة الأم، وقال لعلي أنت مني وأنا منك. وقال لجعفر أشبهت خلقي وخلقي. وقال لزيد: أنت أخونا ومولانا"
قوله: "باب كيف يكتب: هذا ما صالح فلان ابن فلان فلان ابن فلان، وإن لم ينسبه إلى قبيلته أو نسبه" أي إذا كان مشهورا بدون ذلك بحيث يؤمن اللبس فيه فيكتفى في الوثيقة بالاسم المشهور ولا يلزم ذكر الحد والنسب والبلد ونحو ذلك. وأما قول الفقهاء: يكتب في الوثائق اسمه واسم أبيه وجده ونسبه، فهو حيث يخشى اللبس، وإلا فحيث يؤمن اللبس فهو على الاستحباب. واختلف في ضبط هذه اللفظة وهي قوله: "ونسبه" فقيل بالجر عطفا على قبيلته وعلى هذا فالتردد بين القبيلة والنسبة، وقيل بالنصب فعل ماض معطوف على المنفي، أي سواء نسبه أو لم ينسبه، والأول أولى، وبه جزم الصغاني. قوله: "لما صالح رسول الله صلى الله عليه وسلم هل الحديبية كتب علي" سيأتي في الشروط من حديث المسور بن مخرمة بيان سبب ذلك مطولا، وقد ذكر المصنف هنا من طريق إسرائيل عن ابن إسحاق هذا الحديث أتم سياقا من طريق شعبة، ويأتي شرحه في "باب عمرة القضاء" من المغازي إن شاء الله تعالى. ونذكر هناك بيان الخلاف في مباشرته صلى الله عليه وسلم الكتابة، والغرض منه هنا اقتصار الكاتب على قوله: "محمد رسول الله" ولم ينسبه إلى أب ولا جد، وأقره صلى الله عليه وسلم اقتصر على محمد بن عبد الله بغير زيادة، وذلك كله لأمن الالتباس.
(5/304)