باب: مَا يَجُوزُ مِنْ الِاشْتِرَاطِ وَالثُّنْيَا فِي الإِقْرَارِ وَالشُّرُوطِ الَّتِي يَتَعَارَفُهَا النَّاسُ بَيْنَهُمْ وَإِذَا قَالَ مِائَةٌ إِلاَّ وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ.
 
وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ رَجُلٌ لِكَرِيِّهِ أَرْحِلْ رِكَابَكَ فَإِنْ لَمْ أَرْحَلْ مَعَكَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا فَلَكَ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَلَمْ يَخْرُجْ فَقَالَ شُرَيْحٌ مَنْ شَرَطَ عَلَى نَفْسِهِ طَائِعًا غَيْرَ مُكْرَهٍ فَهُوَ عَلَيْهِ وَقَالَ أَيُّوبُ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ إِنَّ رَجُلًا بَاعَ طَعَامًا وَقَالَ إِنْ لَمْ آتِكَ الأَرْبِعَاءَ فَلَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بَيْعٌ فَلَمْ يَجِئْ فَقَالَ شُرَيْحٌ لِلْمُشْتَرِي أَنْتَ أَخْلَفْتَ فَقَضَى عَلَيْهِ
2736- حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب حدثنا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن لله تسعة وتسعين اسما، مائة إلا واحدة من أحصاها دخل الجنة"
[الحديث 2736- طرفاه في: 6410 ، 7392]
قوله: "باب ما يجوز من الاشتراط والثنيا" بضم المثلثة وسكون النون بعدها تحتانية مقصور أي الاستثناء "في الإقرار" أي سواء كان استثناء قليل من كثير أو كثير من قليل، واستثناء القليل من الكثير لا خلاف في جوازه، وعكسه مختلف فيه، ذهب الجمهور إلى جوازه أيضا، وأقوى حججهم قوله تعالى: {إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} مع قوله: {إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} لأن أحدهما أكثر من الآخر لا محالة، وقد استثني كلا منهما من الآخر. وذهب بعض المالكية كابن الماجشون إلى فساده، وإليه ذهب ابن قتيبة وزعم أنه مذهب البصريين من أهل اللغة، وأن الجواز مذهب الكوفيين، وممن حكاه عنهم الفراء، وسيأتي بسط هذا عند الكلام على الحديث المرفوع في الباب في كتاب الدعوات إن شاء الله تعالى. قوله: "وقال ابن عون إلخ" وصله سعيد بن منصور عن هشيم عنه ولفظه: "أن رجلا تكارى من آخر فقال: اخرج يوم الاثنين" فذكر نحوه. قوله: "وقال أيوب عن ابن سرين إلخ" وصله سعيد بن منصور أيضا عن سفيان عن أيوب، وحاصله أن شريحا في المسألتين قضى على المشترط بما اشترطه على نفسه بغير إكراه، وواقفه على المسألة الثانية أبو حنيفة وأحمد وإسحاق. وقال مالك والأكثر: يصح البيع ويبطل الشرط، وخالفه الناس في المسألة الأولى، ووجهه بعضهم بأن العادة أن صاحب الجمال يرسلها إلى المرعى، فإذا اتفق مع التاجر على يوم بعينه فأحضر له الإبل فلم يتهيأ للتاجر السفر أضر ذلك بحال الجمال لما يحتاج إليه من العلف، فوقع بينهم التعارف على مال معين يشترطه التاجر على نفسه إذا أخلف ليستعين به الجمال على العلف. وقال الجمهور: هي عدة فلا يلزم الوفاء بها، والله أعلم.
(5/354)