باب الْجَنَّةُ تَحْتَ بَارِقَةِ السُّيُوفِ
 
وَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ أَخْبَرَنَا نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رِسَالَةِ رَبِّنَا: مَنْ قُتِلَ مِنَّا صَارَ إِلَى الْجَنَّةِ.
وَقَالَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَلَيْسَ قَتْلاَنَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلاَهُمْ فِي النَّارِ؟ قَالَ: بَلَى.
2818- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَكَانَ كَاتِبَهُ قَالَ: كَتَبَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلاَلِ السُّيُوفِ" تَابَعَهُ الأُوَيْسِيُّ عَنْ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ.
[الحديث 2818 – أطرافه في: 2833، 2966، 3024، 7237]
قوله: "باب الجنة تحت بارقة السيوف" هو من إضافة الصفة إلى الموصوف وقد تطلق البارقة ويراد بها نفس السيف فتكون الإضافة بيانية، وقد أورده بلفظ: "تحت ظلال السيوف" وكأنه أشار بالترجمة إلى حديث عمار بن ياسر، فأخرج الطبراني بإسناد صحيح عن عمار بن ياسر أنه قال يوم صفين "الجنة تحت الأبارقة" كذا وقع فيه والصواب "البارقة" وهي السيوف اللامعة، وكذا وقع على الصواب في ترجمة عمار من طبقات ابن سعد، وروى سعيد بن منصور بإسناد رجاله ثقات من مرسل أبي عبد الرحمن الحبلي مرفوعا: "الجنة تحت الأبارقة" ويمكن تخريجه على ما قاله الخطابي الأبارقة جمع إبريق وسمي السيف إبريقا فهو إفعيل من البريق، ويقال أبرق الرجل بسيفه إذا لمع به والبارقة اللمعان، قال ابن المنير: كأن البخاري أراد أن السيوف لما كانت لها بارقة كان لها أيضا ظل، قال القرطبي: وهو من الكلام النفيس الجامع الموجز المشتمل على ضروب من البلاغة مع الرجازة وعذوبة اللفظ، فإنه أفاد الحض على الجهاد والإخبار بالثواب عليه والحض على مقاربة العدو واستعمال السيوف والاجتماع حين الزحف حتى تصير السيوف تظل المتقاتلين. وقال ابن الجوزي، المراد أن الجنة تحصل بالجهاد. والظلال جمع ظل وإذا تدانى الخصمان صار كل منهما تحت ظل سيف صاحبه لحرصه على رفعه عليه ولا يكون ذلك إلا عند التحام القتال. قوله: "وقال المغيرة إلخ" هو طرف من حديث طويل وصله المصنف بتمامه في الجزية، وقوله هنا "عن رسالة ربنا" ثبت للكشميهني وحده وهو كذلك في الطريق الموصولة، ويحتمل أن يكون حذف هنا اختصارا. قوله: "وقال عمر إلخ" هو طرف من حديث سهل بن حنيف في قصة عمرة الحديبية، وسيأتي بتمامه موصولا في
(6/33)

المغازي، وتقدمت الإشارة إليه في الشروط. قوله: "حدثنا عبد الله بن محمد" هو الجعفي، وأبو إسحاق هو الفزاري وعمر بن عبيد الله أي ابن معمر هو التيمي وكان أميرا على حرب الخوارج. قوله: "وكان كاتبه" أي أن سالما كان كاتب عبد الله بن أبي أوفى. قال: "كتب إليه عبد الله بن أبي أوفى" الضمير لعمر بن عبيد الله، قال الدار قطني في التتبع: أخرجا حديث موسى بن عقبة عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله قال: "كتب إليه عبد الله بن أبي أوفى فقرأته " الحديث. وقال أبو النضر لم يسمع من ابن أبي أوفى فهو حجة في رواية المكاتبة، وتعقب بأن شرط الرواية بالمكاتبة عند أهل الحديث أن تكون الرواية صادرة إلى المكتوب إليه، وابن أبي أوفى لم يكتب إلى سالم إنما كتب إلى عمر بن عبيد الله فعلى هذا تكون رواية سالم له عن عبد الله بن أبي أوفى من صور الوجادة، ويمكن أن يقال: الظاهر أنه من رواية سالم عن مولاه عمر بن عبيد الله بقراءته عليه لأنه كان كاتبه أبي عن عبد الله بن أبي أوفى أنه كتب إليه فيصير حينئذ من صور المكاتبة، وفيه تعقب على من صنف في رجال الصحيحين فإنهم لم يذكروا لعمر بن عبيد الله ترجمة، وقد ذكره ابن أبي حاتم وذكر له رواية عن بعض التابعين ولم يذكر فيه جرحا. قوله: "واعلموا أن الجنة" هكذا أورده هنا مختصرا، وذكر طرفا منه أيضا بهذا الإسناد بعد أبواب في "باب الصبر عند القتال" وأخرجه بعد أبواب كثيرة في "باب تأخير القتال حتى تزول الشمس" بهذا الإسناد مطولا، ثم أخرجه بعد أبواب أيضا مطولا من وجه آخر في النهي عن تمني لقاء العدو، ويأتي الكلام على شرحه هناك إن شاء الله تعالى. قوله: "تابعه الأويسي عن ابن أبي الزناد عن موسى بن عقبة" قلت: الأويسي هو عبد العزيز بن عبد الله أحد شيوخ البخاري، وقد حدث عنه بهذا الحديث موصولا خارج الصحيح، ورويناه في كتاب الجهاد لابن أبي عاصم قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري به، وقد رواه عمر بن شبة عن الأويسي فبين أن ذلك كان يوم الخندق. قال المهلب: في هذه الأحاديث جواز القول بأن قتلى المسلمين في الجنة، لكن على الإجمال لا على التعيين.
(6/34)