باب غَزْوِ النِّسَاءِ وَقِتَالِهِنَّ مَعَ الرِّجَالِ
 
2880- حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ انْهَزَمَ النَّاسُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "وَلَقَدْ رَأَيْتُ عَائِشَةَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ وَأُمَّ سُلَيْمٍ وَإِنَّهُمَا لَمُشَمِّرَتَانِ أَرَى خَدَمَ سُوقِهِمَا تَنْقُزَانِ الْقِرَبَ وَقَالَ غَيْرُهُ تَنْقُلاَنِ الْقِرَبَ عَلَى مُتُونِهِمَا ثُمَّ تُفْرِغَانِهِ فِي أَفْوَاهِ الْقَوْمِ ثُمَّ تَرْجِعَانِ فَتَمْلاَنِهَا ثُمَّ تَجِيئَانِ فَتُفْرِغَانِهَا فِي أَفْوَاهِ الْقَوْمِ".
[الحديث 2880 – أطرافه في: 2902، 3811، 4064]
قوله: "باب عزو النساء وقتالهن مع الرجال" وقع في هذه الترجمة حديث الربيع بنت معوذ، وسيأتي بعد باب وفي حديث أم عطية الذي مضى في الحيض وفي حديث ابن عباس عند مسلم: "كان يغزو بهن فيداوين الجرحى" الحديث. ووقع في حديث آخر مرسل أخرجه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال: "كان النساء يشهدن مع النبي صلى الله عليه وسلم المشاهد ويسقين المقاتلة ويداوين الجرحى" ولأبى داود من طريق حشرج بن زياد عن جدته أنهن خرجن مع النبي صلى الله عليه وسلم في حنين وفيه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم سألهن عن ذلك فقلن: خرجنا نغزل الشعر ونعين في سبيل الله ونداوي الجرحى ونناول السهام ونسقى السويق" ، ولم أر في شيء من ذلك التصريح بأنهن قاتلن، ولأجل ذلك قال ابن المنير: بوب على قتالهن وليس هو في الحديث، فإما أن يريد أن إعانتهن للغزاة غزو وإما أن يريد أنهن ما ثبتن لسقى الجرحى ونحو ذلك ألا وهن بصدد أن يدافعن عن أنفسهن، وهو الغالب انتهى وقد وقع عند مسلم من وجه آخر عن أنس "أن أم سليم اتخذت خنجرا يوم حنين فقالت: اتخذته إن دنا منى أحد من المشركين بقرت به بطنه" ويحتمل أن يكون غرض البخاري بالترجمة أن يبين أنهن لا يقاتلن وإن خرجن في الغزو، فالتقدير بقوله: "وقتالهن مع الرجال" أي هل هو سائغ، أو إذا خرجن مع الرجال في الغزر ويقتصرن على ما ذكر من مداواة الجرحى ونحو ذلك؟ ثم ذكر المصنف حديث أنس "لما كان يوم أحد انهزم الناس" الحديث، والغرض منه قوله فيه: "ولقد رأيت عائشة بنت أبي بكر وأم سليم وإنهما لمشمرتان" وقد أخرجه في المغازي بهذا الإسناد بأتم من هذا السياق ويأتي شرحه هناك إن شاء الله تعالى وقوله: "خدم سوقهما" بفتح الخاء المعجمة والدال المهملة وهي الخلاخيل، وهذه كانت قبل الحجاب، ويحتمل أنها كانت عن غير قصد للنظر، وقوله: "تنقزان" بضم القاف بعدها زاي، و"القرب" بكسر القاف وبالموحدة جمع قربة، وقوله: "وقال غيره تنقلان القرب" يعني باللام دون الزاي وهي رواية جعفر بن مهران عن عبد الوارث أخرجها الإسماعيلي، وقوله: "تنقزان" قال الداودي: معناه تسرعان المشي كالهرولة. وقال عياض: قيل معنى تنقزان تثبان، والنقز: الوثب والقفز، كناية عن سرعة السير، وضبطوا القرب بالنصب وهو مشكل على هذا التأويل بخلاف رواية تنقلان، قال: وكان بعض الشيوخ يقرؤه برفع القرب على أن الجملة حال، وقد خرج رواية النصب على نزع الخافض كأنه قال تثبان بالقرب، قال: وضبطه بعضهم تنقزان بضم أوله
(6/78)

أي تحركان القرب لشدة عدوهما، وتصح على هذا رواية النصب وقال الخطابي: أحسب الرواية، "تزفران" بدل تنقزان، والزفر حمل القرب الثقال كما في الحديث الذي بعده.
(6/79)