باب مَا قِيلَ فِي الرِّمَاحِ. وَيُذْكَرُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
 
"جُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي وَجُعِلَ الذِّلَّةُ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي"
2914- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي النَّضْرِ مَوْلَى عُمَرَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِبَعْضِ طَرِيقِ مَكَّةَ تَخَلَّفَ مَعَ أَصْحَابٍ لَهُ مُحْرِمِينَ وَهُوَ غَيْرُ مُحْرِمٍ فَرَأَى حِمَارًا وَحْشِيًّا فَاسْتَوَى عَلَى فَرَسِهِ فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ أَنْ يُنَاوِلُوهُ سَوْطَهُ فَأَبَوْا فَسَأَلَهُمْ رُمْحَهُ فَأَبَوْا فَأَخَذَهُ ثُمَّ شَدَّ عَلَى الْحِمَارِ فَقَتَلَهُ فَأَكَلَ مِنْهُ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَى بَعْضٌ فَلَمَّا أَدْرَكُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ قَالَ: "إِنَّمَا هِيَ طُعْمَةٌ أَطْعَمَكُمُوهَا اللَّهُ".
وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ فِي الْحِمَارِ الْوَحْشِيِّ مِثْلُ حَدِيثِ أَبِي النَّضْرِ قَالَ: "هَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ".
قوله: "باب ما قيل في الرماح" أي في اتخاذها واستعمالها أي من الفضل. قوله: "ويذكر عن ابن عمر إلخ" هو طرف من حديث أخرجه أحمد من طريق أبي منيب - بضم الميم وكسر النون ثم تحتانية ساكنة ثم موحدة - الجرشي بضم الجيم وفتح الراء بعدها معجمة عن ابن عمر بلفظ: "بعثت بين يدي الساعة مع السيف، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعلت الذلة والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم" وأخرج أبو داود منه قوله: "من تشبه بقوم فهو منهم" حسب من هذا الوجه، وأبو منيب لا يعرف اسمه وفي الإسناد عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان مختلف في توثيقه، وله شاهد مرسل بإسناد حسن أخرجه ابن أبي شيبة من طريق الأوزاعي عن سعيد بن جبلة عن النبي صلى الله عليه وسلم بتمامه، وفي الحديث إشارة إلى فضل الرمح، وإلى حل الغنائم لهذه الأمة وإلى أن رزق النبي صلى الله عليه وسلم جعل فيها لا في غيرها من المكاسب، ولهذا قال بعض العلماء أنها أفضل المكاسب، والمراد بالصغار وهو بفتح المهملة وبالمعجمة بذل الجزية. وفي قوله: "تحت ظل رمحي" إشارة إلى أن ظله ممدود إلى أبد الآباد، والحكمة في الاقتصار على ذكر الرمح دون غيره من آلات الحرب كالسيف أن عادتهم جرت بجعل الرايات في أطراف الرمح، فلما كان ظل الرمح أسبغ كان نسبة الرزق إليه أليق وقد تعرض في الحديث الآخر لظل السيف كما سيأتي قريبا من قوله صلى الله عليه وسلم:
(6/98)

"الجنة تحت ظلال السيوف" فنسب الرزق إلى ظل الرمح لما ذكرته أن المقصود بذكر الرمح الراية، ونسبت الجنة إلى ظل السيف لأن الشهادة تقع به غالبا ولأن ظل السيف يكثر ظهوره بكثرة حركة السيف في يد المقاتل؛ ولأن ظل السيف لا يظهر إلا بعد الضرب به لأنه قبل ذلك يكون مغمودا معلقا. حديث أبي قتادة في قصة الحمار الوحشي بإسنادين لمالك، وقد تقدم شرحه مستوفى في الحج، والغرض منه قوله: "فسألهم رمحه فأبوا".
(6/99)

باب ما قيل في درع النبي صبى الله عليه و سلم و القميص في الحرب
...