باب مَنْ اخْتَارَ الْغَزْوَ بَعْدَ الْبِنَاءِ. فِيهِ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
 
قوله: "باب من اختار الغزو بعد البناء فيه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم" يشير إلى حديثه الآتي في الخمس من طريق همام عنه فقال: "غزا نبي من الأنبياء. فقال: لا يتبعني رجل ملك بضع امرأة ولما يبن بها" الحديث وسيأتي شرحه هناك، وترجم عليه في النكاح "من أحب البناء بعد الغزو" وساق الحديث. والغرض هنا من ذلك أن يتفرغ قلبه للجهاد ويقبل عليه بنشاط، لأن الذي يعقد عقده على امرأة يبقى متعلق الخاطر بها، بخلاف ما إذا دخل بها فإنه يصير الأمر في حقه أخف غالبا، ونظيره الاشتغال بالأكل قبل الصلاة. "تنبيهان" أحدهما: أورد الداودي هذه الترجمة محرفة ثم اعترضها، وذلك أنه وقع عنده "باب من اختار الغزو قبل البناء"، فاعترضه بأن الحديث فيه أنه اختار البناء قبل الغزو. قلت: وعلى تقدير صحة ما وقع عند الداودي فلا يلزمه الاعتراض، لأنه أورد الترجمة مورد الاستفهام فكأنه قال: ما حكم من اختار الغزو قبل البناء هل يمنع كما دل عليه الحديث، أو يسوغ؟ ويحمل الحديث على الأولوية. ثانيهما: قال الكرماني كأنه اكتفى بالإشارة إلى هذا الحديث لأنه لم يكن على شرطه. قلت: ولم يستحضر أنه أورده موصولا في مكان آخر كما سيأتي قريبا. والجواب الصحيح أنه جرى على عادته الغالبة في أنه لا يعيد الحديث الواحد إذا اتحد مخرجه في مكانين بصورته غالبا، بل يتصرف فيه بالاختصار ونحوه في أحد الموضعين.
(6/122)