باب مَا قِيلَ فِي لِوَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
 
2974- حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ أَخْبَرَنِي عُقَيْلٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي ثَعْلَبَةُ بْنُ أَبِي مَالِكٍ الْقُرَظِيُّ "أَنَّ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ الأَنْصَارِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَانَ صَاحِبَ لِوَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَ الْحَجَّ فَرَجَّلَ".
2975- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تَخَلَّفَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَيْبَرَ وَكَانَ بِهِ رَمَدٌ فَقَالَ أَنَا أَتَخَلَّفُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ عَلِيٌّ فَلَحِقَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا كَانَ مَسَاءُ اللَّيْلَةِ الَّتِي فَتَحَهَا فِي صَبَاحِهَا. فَقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لاَعْطِيَنَّ الرَّايَةَ أَوْ قَالَ لَيَأْخُذَنَّ غَدًا رَجُلٌ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَوْ قَالَ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَإِذَا نَحْنُ بِعَلِيٍّ وَمَا نَرْجُوهُ فَقَالُوا هَذَا عَلِيٌّ فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ".
[الحديث 2975 – طرفاه في: 3702، 4209]
2976- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ الْعَبَّاسَ يَقُولُ لِلْزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا "هَا هُنَا أَمَرَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَرْكُزَ الرَّايَةَ".
قوله: "باب ما قيل في لواء النبي صلى الله عليه وسلم" اللواء بكسر اللام والمد هي الراية، ويسمى أيضا العلم، وكان الأصل أن يمسكها رئيس الجيش ثم صارت تحمل على رأسه. وقال أبو بكر بن العربي: اللواء غير الراية، فاللواء ما يعقد في طرف الرمح ويلوى عليه، والراية ما يعقد فيه ويترك حتى تصفقه الرياح. وقيل اللواء دون الراية، وقيل اللواء العلم الضخم. والعلم علامة لمحل الأمير يدور معه حيث دار، والراية يتولاها صاحب الحرب. وجنح الترمذي إلى التفرقة فترجم بالألوية وأورد حديث جابر "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة ولواؤه أبيض" ثم ترجم للرايات وأورد حديث البراء "أن راية رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت سوداء مربعة من نمرة" وحديث ابن عباس "كانت رايته سوداء ولواؤه أبيض" أخرجه الترمذي وابن ماجه. وأخرج الحديث أبو داود والنسائي أيضا، ومثله لابن عدي من
(6/126)

حديث أبي هريرة، ولأبي يعلى من حديث بريدة، وروى أبو داود من طريق سماك عن رجل من قومه عن آخر منهم "رأيت راية رسول الله صلى الله عليه وسلم صفراء" ويجمع بينها باختلاف الأوقات، وروى أبو يعلى عن أنس رفعه: "أن الله أكرم أمتي بالألوية" ، إسناده ضعيف، وروى الشيخ من حديث ابن عباس "كان مكتوبا على رايته: لا إله إلا الله محمد رسول الله" وسنده واه. وقيل: كانت له راية تسمى العقاب سوداء مربعة، وراية تسمى الراية البيضاء، وربما جعل فيها شيء أسود. قوله: "عن ثعلبة بن أبي مالك" تقدم ذكره في "باب حمل النساء القرب في الغزو". قوله: "أن قيس بن سعد" أي ابن عبادة الصحابي ابن الصحابي وهو سيد الخزرج ابن سيدهم، وسيأتي للمصنف من حديث أنس في الأحكام أنه كان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنزلة صاحب الشرطة. قوله: "وكان صاحب لواء النبي صلى الله عليه وسلم" أي الذي يختص بالخزرج من الأنصار، وكان النبي صلى الله عليه وسلم في مغازيه يدفع إلى رأس كل قبيلة لواء يقاتلون تحته. وأخرج أحمد بإسناد قوي من حديث ابن عباس "أن راية النبي صلى الله عليه وسلم كانت تكون مع علي، وراية الأنصار مع سعد ابن عبادة" الحديث. قوله: "أراد الحج فرجل" هو بتشديد الجيم وأخطأ من قالها بالمهملة، واقتصر البخاري على هذا القدر من الحديث لأنه موقوف وليس من غرضه في هذا الباب وإنما أراد منه أن قيس بن سعد كان صاحب اللواء النبوي ولا يتقرر في ذلك إلا بإذن النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا القدر هو المرفوع من الحديث تاما وهو الذي يحتاج إليه هنا، وقد أخرج الإسماعيلي الحديث تاما من طريق الليث التي أخرجها المصنف منها فقال بعد قوله فرجل أحد شقي رأسه "فقام غلام له فقلد هديه، فنظر قيس هديه وقد قلد فأهل بالحج ولم يرجل شق رأسه الآخر" وأخرجه من طريق أخرى عن الزهري بتمامه نحوه، وفي ذلك مصير من قيس بن سعد إلى أن الذي يريد الإحرام إذا قلد هديه يدخل في حكم المحرم. وقرأت في كلام بعض المتأخرين أن بعض الشارحين تحير في شرح القدر الذي وقع في البخاري، وتكلف له وجوها عجيبة، فلينظر المراد بالشارح المذكور فإني لم أقف عليه. ثم رأيت ما نقله المتأخر المذكور في كلام صاحب "المطالع" وأبهم الشارح الذي تحير وقال: أنه حمل الكلام ما لا يحتمله. وذكر الدمياطي في الحاشية أن البخاري ذكر بقية الحديث في آخر الكتاب وليس في الكتاب شيء من ذلك. حديث سلمة بن الأكوع في قصه علي يوم خيبر، وسيأتي شرحه في كتاب المغازي، والغرض منه قوله: "لأعطين الراية غدا رجلا يحبه الله ورسوله" فإنه مشعر بأن الراية لم تكن خاصة بشخص معين بل كان يعطيها في كل غزوة لمن يريد، وقد أخرجه أحمد من حديث بريدة بلفظ: "إني دافع اللواء إلى رجل يحبه الله ورسوله" الحديث، وهذا مشعر بأن الراية واللواء سواء. حديث نافع بن جبير "سمعت العباس - أي ابن عبد المطلب - يقول للزبير أي ابن العوام: هاهنا أمرك النبي صلى الله عليه وسلم أن تركز الراية" وهو طرف من حديث أورده المصنف في غزوة الفتح، وسيأتي شرحه مستوفى هناك، وأبين هناك إن شاء الله تعالى ما في سياقه من صورة الإرسال والجواب عن ذلك، وأبين تعيين المكان المشار إليه وأنه الحجون، وهو بفتح المهملة وضم الجيم الخفيفة، قال الطبري: في حديث على أن الإمام يؤمر على الجيش من يوثق بقوته وبصيرته ومعرفته، وسيأتي بقية شرحه في المغازي إن شاء الله تعالى. وقال المهلب: وفي حديث الزبير أن الراية لا تركز إلا بإذن الإمام، لأنها علامة على مكانه فلا يتصرف فيها إلا بأمره. وفي هذه الأحاديث استحباب اتخاذ الألوية في الحروب. وأن اللواء يكون مع الأمير
(6/127)

أو من يقيمه لذلك عند الحرب، وقد تقدم حديث أنس "أخذ الراية زيد بن حارثة فأصيب، ثم أخذها جعفر فأصيب" الحديث، ويأتي تمام شرحه في المغازي إن شاء الله تعالى أيضا.
(6/128)