باب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ". وَقَوْلِهِ عَزَّ وجلَّ [151 آل عمران]: {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ} قَالَهُ جَابِرٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
 
2977- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ فَبَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الأَرْضِ فَوُضِعَتْ فِي يَدِي قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَقَدْ ذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْتُمْ تَنْتَثِلُونَهَا".
[الحديث 2977 – أطرافه في: 6998، 7013، 7273]
2978- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَخْبَرَهُ "أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ وَهُمْ بِإِيلِيَاءَ ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الْكِتَابِ كَثُرَ عِنْدَهُ الصَّخَبُ فَارْتَفَعَتْ الأَصْوَاتُ وَأُخْرِجْنَا فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي حِينَ أُخْرِجْنَا لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ إِنَّهُ يَخَافُهُ مَلِكُ بَنِي الأَصْفَرِ".
قوله: "باب قول النبي صلى الله عليه وسلم "نصرت بالرعب مسيرة شهر" وقول الله عز وجل: {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ} قاله جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم" يشير إلى حديثه الذي أوله "أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي" فإن فيه: "ونصرت بالرعب مسيرة شهر" وقد تقدم شرحه في التيمم، ووقع في الطبراني من حديث أبي أمامة "شهرا أو شهرين" وله من حديث السائب بن يزيد "شهرا أمامي وشهرا خلفي" وظهر لي أن الحكمة في الاقتصار على الشهر أنه لم يكن بينه وبين الممالك الكبار التي حوله أكثر من ذلك، كالشام والعراق واليمن ومصر، ليس بين المدينة النبوية للواحدة منها إلا شهر فما دونه، ودل حديث السائب على أن التردد في الشهر والشهرين إما أن يكون الراوي سمعه كما في حديث السائب، وإما أنه لا أثر لتردده، وحديث السائب لا ينافي حديث جابر، وليس المراد بالخصوصية مجرد حصول الرعب بل هو وما ينشأ عنه من الظفر بالعدو. حديث أبي هريرة الذي أوله "بعثت بجوامع الكلم" وفيه: "ونصرت بالرعب، وبينا أنا نائم أوتيت بمفاتيح خزائن الأرض" وسيأتي شرحه مستوفى في كتاب التعبير إن شاء الله تعالى. وجوامع الكلم القرآن فإنه تقع فيه المعاني الكثيرة بالألفاظ القليلة، وكذلك يقع في الأحاديث النبوية الكثير من ذلك. ومفاتيح خزائن الأرض المراد منها ما يفتح لأمته من بعده من الفتوح، وقيل المعادن، وقول أبي هريرة "وأنتم تنتثلونها" بوزن تفتعلونها - من النثل بالنون والمثلثة - أي تستخرجونها، تقول نثلت البئر إذا استخرجت ترابها. حديث أبي سفيان في قصة هرقل ذكر طرفا منها، وقد تقدم بهذا الإسناد بطوله في بدء الوحي، والغرض منه هنا قوله: "أنه يخافه ملك بني الأصفر" لأنه كان بين المدينة وبين المكان الذي كان قيصر ينزل فيه مدة شهر أو نحوه.
(6/128)