باب {وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ . إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلاَ تَتَّقُونَ} إلى {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ} [23 الصافات]. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُذْكَرُ بِخَيْرٍ. {سَلاَمٌ عَلَى آلِ يَاسِينَ . إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ . إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ} يُذْكَرُ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ إِلْيَاسَ هُوَ إِدْرِيسُ.
 
قوله: "باب {وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ . إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلاَ تَتَّقُونَ} إلى {وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ}" سقط لفظ: "باب" من رواية أبي ذر، وكأن المصنف رجح عنده كون إدريس ليس من أجداد نوح فلهذا ذكره بعده، وسأذكر ما في ذلك في الباب الذي يليه. وإلياس بهمزة قطع وهو اسم عبراني. وأما قوله تعالى: {سَلامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ} فقرأه الأكثر بصورة الاسم المذكور وزيادة ياء ونون في آخره. وقرأ أهل المدينة "آل ياسين" بفصل آل من ياسين، وكان بعضهم يتأول أن المراد سلام على آل محمد صلى الله عليه وسلم وهو بعيد، ويؤيد الأول أن الله تعالى إنما أخبر في كل موضع ذكر فيه نبيا من الأنبياء في هذه السورة بأن السلام عليه فكذلك السلام في هذا الموضع على إلياس المبدأ بذكره، وإنما زيدت فيه الياء والنون كما قالوا في إدريس إدراسين والله أعلم. قوله: "قال ابن عباس" وصله ابن جرير من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى: {سَلامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ} يذكر بخير. قوله: "ويذكر عن ابن مسعود وابن عباس أن إلياس هو إدريس" أما قول ابن مسعود فوصله عبد بن حميد وابن أبي حاتم بإسناد حسن عنه قال: إلياس هو إدريس، ويعقوب هو إسرائيل. وأما قول ابن عباس. فوصله جويبر في تفسيره عن الضحاك عنه وإسناده ضعيف، ولهذا لم يجزم به البخاري: وقد أخذ أبو بكر بن العربي من هذا أن إدريس لم يكن جدا لنوح وإنما هو من بني إسرائيل لأن إلياس قد ورد أنه من بني إسرائيل، واستدل على ذلك بقوله عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم: "مرحبا بالنبي الصالح والأخ الصالح" ولو كان من أجداده لقال له كما قال له آدم وإبراهيم "والابن الصالح" وهو استدلال جيد إلا أنه قد يجاب عنه بأنه قال ذلك على سبيل التواضع والتلطف فليس ذلك نصا فيما زعم. وقد قال ابن إسحاق في أول السيرة النبوية لما ساق النسب الكريم فلما بلغ إلى نوح قال: ابن لمك بن متوشلخ بن خنوخ وهو إدريس النبي فيما يزعمون، وأشار بذلك إلى أن هذا القول مأخوذ عن أهل الكتاب. واختلف في ضبطه فالأكثر خنوخ بمعجمتين بعد الأولى نون بوزن ثمود، وقيل بزيادة ألف في أوله وسكون المعجمة الأولى، وقيل غير ذلك لكن بحذف الواو، وقيل: كذلك لكن بدل الخاء الأولى هاء، وقيل: كالثاني لكن بدل المعجمة مهملة. واختلف في لفظ إدريس فقيل هو عربي واشتقاقه من الدراسة وقيل له ذلك لكثرة درسه الصحف، وقيل: بل هو سرياني، وفي حديث أبي ذر الطويل الذي صححه ابن حبان أنه كان سريانيا، ولكن
(6/373)

لا يمنع ذلك كون لفظ إدريس عربيا إذا ثبت بأن له اسمين.
(6/374)

باب ذكر إدريس عليه السلام . و هو جد أبي نوح ، و يقال جد نوح عليهما السلام
...