باب {فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ} [62 الحجر]،
 
{بِرُكْنِهِ}: بِمَنْ مَعَهُ لِأَنَّهُمْ قُوَّتُهُ. {تَرْكَنُوا}: تَمِيلُوا. فَأَنْكَرَهُمْ ونَكِرَهُمْ وَاسْتَنْكَرَهُمْ وَاحِدٌ. {يُهْرَعُونَ}: يُسْرِعُونَ. {دَابِرٌ}: آخِرٌ. {صَيْحَةٌ}: هَلَكَةٌ. {لِلْمُتَوَسِّمِينَ}: لِلنَّاظِرِينَ. {لَبِسَبِيلٍ}: لَبِطَرِيقٍ.
3376- حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الأَسْوَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَرَأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}.
قوله: "باب {فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ}" أي أنكرهم لوط. قوله: "بركنه بمن معه لأنهم قوته" هو تفسير الفراء. وقال أبو عبيدة: فتولى بركنه وبجانبه سواء، إنما يعني ناحيته. وقال في قوله: {أوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} أي عشيرة عزيزة منيعة. كذا أورد المصنف هذه الجملة في قصة لوط، وهو وهم فإنها من قصة موسى والضمير لفرعون، والسبب في ذلك أن ذلك وقع تلو قصة لوط حيث قال تعالى في آخر قصة لوط {وَتَرَكْنَا فِيهَا آيَةً لِلَّذِينَ يَخَافُونَ الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} ثم قال عقب ذلك {وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ} أو ذكره استطرادا لقوله في قصة لوط {أوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ}. قوله: "تركنوا: تميلوا" قال أبو عبيدة في قوله: {وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} لا تعدلوا إليهم ولا تميلوا، تقول: ركنت إلى قولك أي أحببته وقبلته، وهذه الآية لا تتعلق بقصة لوط أصلا. ثم ظهر لي أنه ذكر هذه اللفظة من أجل مادة "ركن" بدليل إيراده، الكلمة الأخرى وهي "ولا تركنوا". قوله: "فأنكرهم ونكرهم واستنكرهم واحد" قال أبو عبيدة: نكرهم وأنكرهم واحد وكذلك استنكرهم، وهذا الإنكار من إبراهيم غير الإنكار من لوط، لأن إبراهيم أنكرهم لما لم يأكلوا من طعامه، وأما لوط فأنكرهم لما لم يبالوا بمجيء قومه إليهم، ولكن لها تعلق مع كونها لإبراهيم بقصة لوط. قوله: "يهرعون: يسرعون" قال أبو عبيدة: يهرعون إليه أي يستحثون إليه، قال الشاعر بمعجلات نحوهم نهارع أي نسارع. وقيل معناه يزعجون مع الإسراع. قوله: "دابر: آخر" قال أبو عبيدة في تفسير قوله: {أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاءِ} أي آخرهم. قوله: "صيحة: هلكة" هو تفسير قوله: {إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً} ولم أعرف وجه دخوله هنا، لكن لعله أشار إلى قوله: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ} فإنها تتعلق بقوم لوط. قوله: "للمتوسمين: للناظرين" قال الفراء في قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} أي للمتفكرين، ويقال للناظرين المتفرسين. وقال أبو عبيدة أي المتبصرين المتثبتين. قوله: "لبسبيل: لبطريق" هو تفسير أبي عبيدة؛ والضمير في قوله: {إِنَّهَا} يعود على مدائن قوم لوط، وقيل يعود على الآيات. "تنبيهان": أحدهما هذه التفاسير وقعت في رواية المستملي وحده. "ثانيهما": أورد المصنف عقب هذا قصة ثمود وصالح، وقد قدمتها في مكانها عقب قصة عاد وهود، وكأن السبب في إيرادها أنه لما أورد التفاسير من سورة الحجر كان آخرها قوله: {وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ ، إِنَّ
(6/416)

فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ} {وَإِنْ كَانَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ لَظَالِمِينَ} {فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُبِينٍ} {وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ} إلخ" فجاءت قصة ثمود وهم أصحاب الحجر في هذه السورة تالية لقصة قوم لوط وتخلل بينهما قصة أصحاب الأيكة مختصرة فأوردها من أوردها على ذلك، وقد قدمت الاعتذار على ذلك فيما مضى.
(6/417)



الموضوع السابق


باب {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ . أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ . فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ . فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنْ الْغَابِرِينَ . وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ } [84-88 النمل]