باب بَيْنَا امْرَأَةٌ تُرْضِعُ ابْنَهَا ت
 
بعضهم بالنخل، ويقال للمتاع النفيس الذي للمنزل عقار أيضا، وأما عياض فقال: العقار الأصل من المال، وقيل المنزل والضيعة، وقيل متاع البيت فجعله خلافا. والمعروف في اللغة أنه مقول بالاشتراك على الجميع والمراد به هنا الدار، وصرح بذلك في حديث وهب بن منبه. قوله: "فوجد الرجل الذي اشترى العقار في عقاره جرة فيها ذهب، فقال له: خذ ذهبك فإنما اشتريت منك الأرض ولم أبتع الذهب" وهذا صريح في أن العقد إنما وقع بينهما على الأرض خاصة، فاعتقد البائع دخول ما فيها ضمنا، واعتقد المشتري أنه لا يدخل. وأما صورة الدعوى بينهما فوقعت على هذه الصورة وأنهما لم يختلفا في صورة العقد التي وقعت، والحكم في شرعنا على هذا في مثل ذلك أن القول قول المشتري وأن الذهب باق على ملك البائع، ويحتمل أنهما اختلفا في صورة العقد بأن يقول المشتري لم يقع تصريح ببيع الأرض وما فيها بل يبيع الأرض خاصة، والبائع يقول وقع التصريح بذلك، والحكم في هذه الصورة أن يتحالفا ويستردا المبيع وهذا كله بناء على ظاهر اللفظ أنه وجد فيه جرة من ذهب، لكن في رواية إسحاق بن بشر أن المشتري قال إنه اشترى دارا فعمرها فوجد فيها كنزا، وأن البائع قال له لما دعاه إلى أخذه ما دفنت ولا علمت، وأنهما قالا للقاضي: ابعث من يقبضه وتضعه حيث رأيت، فامتنع، وعلى هذا فحكم هذا المال حكم الركاز في هذه الشريعة إن عرف أنه من دفين الجاهلية، وإلا فإن عرف أنه من دفين المسلمين فهو لقطة، وإن جهل فحكمه حكم المال الضائع يوضع في بيت المال، ولعلهم لم يكن في شرعهم هذا التفصيل فلهذا حكم القاضي بما حكم به. قوله: "وقال الذي له الأرض" أي الذي كانت له، ووقع في رواية أحمد عن عبد الرزاق بيان المراد من ذلك ولفظه: "فقال الذي باع الأرض: إنما بعتك الأرضى" ووقع في نسخ مسلم اختلاف، فالأكثر رووه بلفظ: "فقال الذي شرى الأرض" والمراد باع الأرض كما قال أحمد، ولبعضهم "فقال الذي اشترى الأرض" ووهمها القرطبي قال: إلا إن ثبت أن لفظ: "اشترى" من الأضداد كشرى فلا وهم، وقوله: "فتحاكما" ظاهره أنهما حكماه في ذلك، لكن في حديث إسحاق بن بشر التصريح بأنه كان حاكما منصوبا للناس، فإن ثبت ذلك فلا حجة فيه لمن جوز للمتداعيين أن يحكما بينهما رجلا وينفذ حكمه، وهي مسألة مختلف فيها: فأجاز ذلك مالك والشافعي بشرط أن يكون فيه أهلية الحكم وأن يحكم بينهما بالحق سواء وافق ذلك رأي قاضي البلد أم لا واستثنى الشافعي الحدود، وشرط أبو حنيفة أن لا يخالف ذلك رأي قاضي البلد، وجزم القرطبي بأنه لم يصدر منه حكم على أحد منهما، وإنما أصلح بينهما لما ظهر له أن حكم المال المذكور حكم المال الضائع، فرأى أنهما أحق بذلك من غيرهما لما ظهر له من ورعهما وحسن حالهما وارتجى من طيب نسلهما وسلاح ذريتهما، ويرده ما جزم به الغزالي في "نصيحة الملوك" أنهما تحاكما إلى كسرى، فإن ثبت هذا ارتفعت المباحث الماضية المتعلقة بالتحكيم لأن الكافر لا حجة له فيما يحكم به. ووقع في روايته عن أبي هريرة "لقد رأيتنا يكثر تمارينا ومنازعتنا عند النبي صلى الله عليه وسلم أيهما أكثر أمانة". قوله: "ألكما ولد؟" بفتح الواو واللام، والمراد الجنس، لأنه يستحيل أن يكون للرجلين جميعا ولد واحد، والمعنى ألكل منكما ولد؟ ويجوز أن يكون قوله: "ألكما ولد؟" بضم الواو وسكون اللام وهي صيغة جمع أي أولاد، ويجوز كسر الواو أيضا في ذلك. قوله: "فقال أحدهم لي غلام" بين في رواية إسحاق بن بشر أن الذي قال لي غلام هو الذي اشترى العقار. قوله: "أنكحوا الغلام الجارية وأنفقوا على أنفسهما منه وتصدقا" هكذا وقع بصيغة الجمع في الإنكاح والإنفاق وبصيغة التثنية في النفسين وفي التصدق، وكأن السر في ذلك أن الزوجين كانا محجورين
(6/519)