باب صِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 7
 
شعرات لإيراده بصيغة جمع القلة، لكن خص ذلك بعنفقته، فيحمل الزائد على ذلك في صدغيه كما في حديث البراء، لكن وقع عند ابن سعد بإسناد صحيح عن حميد عن أنس في أثناء حديث قال: "ولم يبلغ ما في لحيته من الشيب عشرين شعرة" قال حميد: "وأومأ إلى عنفقته سبع عشرة" وقد روى ابن سعد أيضا بإسناد صحيح عن ثابت عن أنس قال: "ما كان رأس النبي صلى الله عليه وسلم ولحيته إلا سبع عشرة أو ثماني عشرة" ولابن أبي خيثمة من حديث حميد عن أنس "لم يكن في لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرون شعرة بيضاء. قال حميد: كن سبع عشرة" وفي مسند عبد بن حميد من طريق حماد عن ثابت عن أنس "ما عددت في رأسه ولحيته إلا أربع عشرة شعرة" وعند ابن ماجه من وجه آخر عن أنس "إلا سبع عشرة أو عشرين شعرة" وروى الحاكم في "المستدرك" من طريق عبد الله بن محمد بن عقيل عن أنس قال: "لو عددت ما أقبل علي من شيبه في رأسه ولحيته ما كنت أزيدهن على إحدى عشرة شيبة" وفي حديث الهيثم بن زهير عند(1) "ثلاثون عددا". قوله: "قال ربيعة" هو موصول بالإسناد المذكور. قوله: "فرأيت شعرا من شعره فإذا هو أحمر فسألت فقيل أحمر من الطيب" لم أعرف المسئول المجيب بذلك، إلا أنه في رواية ابن عقيل المذكورة من قبل أن عمر بن عبد العزيز قال لأنس: "هل خضب النبي صلى الله عليه وسلم؟ فإني رأيت شعرا من شعره قد لون، فقال: إنما هذا الذي لون من الطيب الذي كان يطيب به شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو الذي غير لونه" فيحتمل أن يكون ربيعة سأل أنسا عن ذلك فأجابه. ووقع في "رجال مالك" للدار قطني وهو في "غرائب مالك" له عن أبي هريرة قال: "لما مات النبي صلى الله عليه وسلم خضب من كان عنده شيء من شعره ليكون أبقى لها". قلت: فإن ثبت هذا استقام إنكار أنس، ويقبل ما أثبته سواه التأويل، وستأتي الإشارة إلى شيء من ذلك في كتاب اللباس إن شاء الله تعالى. الحديث السادس: حديث البراء. قوله: "حدثنا إبراهيم بن يوسف" أي ابن إسحاق بن أبي إسحاق السبيعي. قوله: "وأحسنه خلقا" بفتح المعجمة للأكثر، وضبطه ابن التين بضم أوله واستشهد بقوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} ووقع في رواية الإسماعيلي بالشك "وأحسنه خلقا أو خلقا" ويؤيده قوله قبله "أحسن الناس وجها" فإن فيه إشارة إلى الحسن الحسي، فيكون في الثاني إشارة إلى الحسن المعنوي. وقد وقع في حديث أنس الذي يتعلق بفرس أبي طلحة الذي قال فيه: "إن وجدناه لبحرا" وهو عنده في مواضع، منها أن في أوله في باب الشجاعة في الحرب "كان أحسن الناس وأشجع الناس وأجود الناس" فجمع صفات القوي الثلاث العقلية والغضبية والشهوانية، فالشجاعة تدل على الغضبية، والجود يدل على الشهوية، والحسن تابع لاعتدال المزاج المستتبع لصفاء النفس الذي به جودة القريحة الدال على العقل، فوصف بالأحسنية في الجميع. ومضى في الجهاد والخمس حديث جبير بن مطعم أنه صلى الله عليه وسلم قال: "ثم لا تجدوني بخيلا ولا كذوبا ولا جبانا" فأشار بعدم الجبن إلى كمال القوة الغضبية وهي الشجاعة، وبعدم الكذب إلى كمال القوة العقلية وهي الحكمة، وبعدم البخل إلى كمال القوة الشهوانية وهو الجود. قوله: "ليس بالطويل البائن ولا بالقصير" تقدم في حديث ربيعة عن أنس أنه كان ربعة، ووقع في حديث عائشة عند ابن أبي خيثمة "لم يكن أحد يماشيه من الناس ينسب إلى الطول إلا طاله رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولربما اكتنفه الرجلان الطويلان فيطولهما، فإذا فارقاه نسبا إلى الطول، ونسب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الربعة" وقوله: "البائن" بالموحدة اسم فاعل من بان أي ظهر على غيره أو فارق من سواء. الحديث السابع: حديث قتادة "سألت أنسا:
ـــــــ
(1) قال مصحح طبعة بولاق: هكذا بياض في النسخ.
(6/571)