باب صِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 10
 
يعلى والبزار بإسناد صحيح عن أنس "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مر في طريق من طرق المدينة وجد منه رائحة المسك، فيقال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم". الحديث الحادي عشر: حديث ابن عباس "كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس" تقدم شرحه مستوفى في كتاب الصيام، والغرض منه وصفه عليه الصلاة والسلام بالجود. الحديث الثاني عشر: حديث عائشة في قصة القائف، وسيأتي شرحه في كتاب الفرائض إن شاء الله تعالى. والغرض منه هنا قولها: "تبرق أسارير وجهه" والأسارير جمع أسرار وهي جمع سر وهي الخطوط التي تكونت في الجبهة. الحديث الثالث عشر: حديث كعب بن مالك وهو طرف من قصة توبته، وسيأتي بطوله في المغازي مستوفى شرحه إن شاء الله تعالى. قوله: "استنار وجهه كأنه قطعة قمر" أي الموضع الذي يبين فيه السرور، وهو جبينه، فلذلك قال: "قطعة قمر" ولعله كان حينئذ ملثما، ويحتمل، أن يكون يريد بقوله قطعة قمر القمر نفسه. ووقع في حديث جبير بن مطعم عند الطبراني "التفت إلينا النبي صلى الله عليه وسلم بوجهه مثل شقة القمر" فهذا محمول على صفته عند الالتفات، وقد أخرج الطبراني حديث كعب بن مالك من طرق في بعضها "كأنه دارة قمر". الحديث الرابع عشر: حديث أبي هريرة. قوله: "عن عمرو" هو ابن أبي عمرو مولى المطلب، واسم أبي عمرو ميسرة. قوله: "بعثت من خير قرون بني آدم قرنا فقرنا" القرن الطبقة من الناس المجتمعين في عصر واحد، ومنهم من حده بمائة سنة وقيل بسبعين، وقيل بغير ذلك. فحك الحربي الاختلاف فيه من عشرة إلى مائة وعشرين، ثم تعقب الجميع وقال: الذي أراه أن القرن كل أمة هلكت حتى لم يبق منها أحد. وقوله: "قرنا" بالنصب حال للتفصيل. قوله: "حتى كنت من القرن الذي كنت منه" في رواية الإسماعيلي: "حتى بعثت من القرن الذي كنت فيه" وسيأتي في أول مناقب الصحابة حديث عمران بن حصين "خير الناس قرني" والكلام عليه مستوفى إن شاء الله تعالى. الحديث الخامس عشر: حديث ابن عباس. قوله: "عن ابن شهاب أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة" هذا هو المشهور عن ابن شهاب، وعنه فيه إسناد آخر أخرجه الحاكم من طريق مالك عن زياد بن سعد عن أنس "سدل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناصيته ما شاء الله، ثم فرق بعد" وأخرجه أيضا أحمد وقال: تفرد به حماد بن خالد عن مالك وأخطأ فيه، والصواب عن عبيد الله بن عبد الله. وقال ابن عبد البر: الصواب عن مالك فيه عن الزهري مرسلا كما في الموطأ. قوله: "يسدل شعره" بفتح أوله وسكون المهملة وكسر الدال، ويجوز ضمها، أي يترك شعر ناصيته على جبهته. قال النووي: قال العلماء المراد إرساله على الجبين واتخاذه كالقصة، أي بضم القاف بعدها مهملة. قوله: "ثم فرق بعد" بفتح الفاء والراء أي ألقى شعر رأسه إلى جانبي رأسه فلم يترك منه شيئا على جبهته، ويفرقون بضم الراء وبكسرها وقد روى ابن إسحاق عن محمد بن جعفر عن عروة عن عائشة قالت: "أنا فرقت لرسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه" أي شعر رأسه عن يافوخه، ومن طريقه أخرجه أبو داود، وفي حديث هند بن أبي هالة في صفة النبي صلى الله عليه وسلم أنه "إن انفرقت عقيقته - أي شعر رأسه الذي على ناصيته - فرق وإلا فلا يجاوز شعره شحمة أذنه" قال ابن قتيبة في غريبه: العقيقة شعر رأس الصبي قبل أن يحلق، وقد يطلق عليه بعد الحلق مجازا. وقوله: "كان لا يفرق شعره إلا إذا انفرق" محمول على ما كان أولا لما بينه حديث ابن عباس. قوله: "وكان يحب موافقة أهل الكتاب" أي حيث كان عباد الأوثان كثيرين. قوله: "فيما لم يؤمر فيه بشيء" أي فيما لم يخالف شرعه لأن أهل الكتاب في زمانه كانوا متمسكين ببقايا من شرائع الرسل فكانت موافقتهم أحب إليه من موافقة عباد الأوثان، فلما أسلم غالب عباد الأوثان أحب صلى الله عليه وسلم حينئذ مخالفة أهل الكتاب. واستدل به على أن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يجيء في شرعنا ما يخالفه، وتعقب
(6/574)