باب صِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 13
 
بعدها موحدة، وهو مولى أنس، وهذا هو المحفوظ عن قتادة. وقد رواه الطبراني من وجه آخر عن شعبة عن قتادة فقال: "عن أبي السوار العدوي عن عمران بن حصين به". قوله: "أشد حياء من العذراء" أي البكر، وقوله: "في خدرها" بكسر المعجمة أي في سترها، وهو من باب التتميم، لأن العذراء في الخلوة يشتد حياؤها أكثر مما تكون خارجة عنه، لكون الخلوة مظنة وقوع الفعل بها، فالظاهر أن المراد تقييده بما إذا دخل عليها في خدرها لا حيث تكون منفردة فيه، ومحل وجود الحياء منه صلى الله عليه وسلم في غير حدود الله، ولهذا قال للذي اعترف بالزنا أنكتها لا يكني كما سيأتي بيانه في الحدود. وأخرج البزار هذا الحديث من حديث أنس وزاد في آخره: "وكان يقول الحياء خير كله" وأخرج من حديث ابن عباس قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل من وراء الحجرات، وما رأى أحد عورته قط"، وإسناده حسن. قوله: "حدثنا محمد بن بشار حدثنا يحيى وابن مهدي قالا حدثنا شعبة مثله" يعني سندا ومتنا، وقد أخرجه الإسماعيلي من رواية أبي موسى محمد بن المثنى عن عبد الرحمن بن مهدي بسنده وقال فيه: "سمعت عبد الله بن أبي عتبة يقول سمعت أبا سعيد الخدري يقول" وأخرجه ابن حبان من طريق أحمد بن سنان القطان قال: "قلت لعبد الرحمن بن مهدي: يا أبا سعيد أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها؟ قال: نعم عن مثل هذا فسل يا شعبة" فذكره بتمامه. قوله: "وإذا كره شيئا عرف في وجهه" أي أن ابن بشار زاد هذا على رواية مسدد، وهذا يحتمل أن يكون في رواية عبد الرحمن بن مهدي وحده، وأن يكون في رواية يحيى أيضا ولم يقع لمسدد والأول المعتمد فقد أخرجه الإسماعيلي من رواية المقدمي وأبي خيثمة وابن خلاد عن يحيى بن سعيد وليس فيه الزيادة، وأخرجه من رواية أبي موسى عن عبد الرحمن بن مهدي فذكرها، وكذا أخرجه مسلم عن زهير بن حرب وأبي موسى محمد بن المثنى وأحمد بن سنان القطان كلهم عن ابن مهدي، وأخرجه من حديث معاذ والإسماعيلي من حديث علي بن الجعد كلاهما عن شعبة كذلك، وأخرجه ابن حبان من طريق عبد الله بن المبارك عن شعبة كذلك، وقوله: "عرفناه في وجهه"، إشارة إلى تصحيح ما تقدم من أنه لم يكن يواجه أحدا بما يكرهه بل يتغير وجهه فيفهم أصحابه كراهيته لذلك. الحديث العشرون: حديث أبي هريرة: قوله: "عن أبي حازم" هو الأشجعي واسمه سلمان، وليس هو أبا حازم سلمة بن دينار صاحب سهل بن سعد. قوله: "ما عاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما قط" في رواية غندر عن شعبة عند الإسماعيلي: "ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم عاب طعاما قط" وهو محمول على الطعام المباح ما سيأتي تقرير ذلك في كتاب الأطعمة إن شاء الله تعالى. الحديث الحادي والعشرون: حديث عبد الله بن مالك ابن بحينة، هو بتنوين مالك وإعراب ابن بحينة إعراب بن مالك لأن مالكا أبوه وبحينة أمه. قوله: "الأسدي" هو بسكون المهملة، ويقال فيه الأزدي بسكون الزاي، وهذا مشهور في هذه النسبة يقال بالزاي وبالسين، وغفل الداودي فقرأه فتح السين ثم أنكره، وقد تقدم هذا الحديث في كتاب الصلاة، وكذا قوله: "قال ابن بكير" أي يحيى بن عبد الله بن بكير "حدثنا بكر" أي ابن مضر بالإسناد المذكور. قوله: "بياض إبطيه" أي أن يحيى، زاد لفظ: "بياض" لأن في رواية قتيبة "حتى يرى إبطيه" واختلف في المراد بوصف إبطيه بالبياض فقيل: لم يكن تحتهما شعر فكانا كلون جسده، ثم قيل لم يكن تحت إبطيه شعر البتة، وقيل كان لدوام تعهده له لا يبقى فيه شعر، ووقع عند مسلم في حديث: "حتى رأينا عفرة إبطيه" ولا تنافي بينهما لأن الأعفر ما بياضه ليس بالناصع، وهذا شأن المغابن يكون لونها في البياض دون لون بقية الجسد. الحديث الثاني والعشرون: حديث أنس في رفع اليدين
(6/577)