باب صِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 14
 
في الاستسقاء، تقدم في موضعه مشروحا، والغرض منه ذكر إبطيه، والمراد بالحصر فيه الرفع على هيئة مخصوصة لا أصل الرفع فإنه ثابت عنه كما في الخبر الذي بعده. الحديث الثالث والعشرون: حديث أبي موسى، ذكر منه طرفا معلقا، هو طرف من حديث سيأتي موصولا في المناقب في ترجمة أبي عامر الأشعري، وقد علق طرفا منه في الوضوء أيضا. قوله: "حدثنا الحسن بن الصباح" هو البزار الذي أخرج عنه الحديث الذي بعده، وقيل بل هذا هو الزعفراني نسبه إلى جده لأنه الحسن بن محمد بن الصباح. قوله: "سمعت عون بن أبي جحيفة ذكر عن أبيه" في رواية شعبة عن عون "سمعت أبي" كما تقدم في أوائل الصلاة. قوله: "دفعت" بضم أوله أي أنه وصل إليه عن غير قصد، والأبطح هو الذي خارج مكة ينزل فيه الحاج إذا رجع من منى. وقوله: "وكان بالهاجرة" استئناف أو حال، وقد تقدم هذا الحديث من وجه آخر في هذا الباب وهو الحديث العاشر، والمراد منه قوله: "كأني أنظر إلى وبيص ساقيه" والوبيص بالموحدة والمهملة البريق وزنا ومعنى. الحديث الرابع والعشرون: حديث عائشة: قوله: "حدثنا الحسن بن الصباح البزار" بتقديم الزاي على الراء، وهو واسطي سكن بغداد، وكان من أئمة الحديث. وسفيان هو ابن عيينة فإن الحسن بن الصباح ما لحق الثوري، والثوري لا يروي عن الزهري إلا بواسطة. قوله: "لو عده العاد لأحصاه" أي لو عد كلماته أو مفرداته أو حروفه لأطاق ذلك وبلغ آخرها، والمراد بذلك المبالغة في الترتيل والتفهيم. هذا الحديث هو الحديث الذي بعده، اختلف الرواة في سياقه بسطا واختصارا. قوله: "وقال الليث حدثني يونس" وصله الذهلي في "الزهريات" عن أبي صالح عن الليث. قوله: "ألا يعجبك" بضم أوله وإسكان ثانيه من الإعجاب وبفتح ثانيه والتشديد من التعجيب. قوله: "أبا فلان" كذا للأكثر، قال عياض: هو منادي بكنيته. قلت وليس كذلك لما سأذكره، وإنما خاطبت عائشة عروة بقولها "ألا يعجبك" وذكرت له المتعجب منه فقالت: "أبا فلان" وحق السياق أن تقول أبو فلان بالرفع على أنه فاعل، لكنه جاء هكذا على اللغة القليلة ثم حكت وجه التعجب فقالت: "جاء فجلس إلخ" ووقع في رواية الأصيلي وكريمة: "أبو فلان" ولا إشكال فيها. وتبين من رواية مسلم وأبي داود أنه هو أبو هريرة، فأخرجه مسلم عن هارون بن معروف وأبو داود عن محمد بن منصور الطوسي كلاهما عن سفيان، لكن قال: "هارون عن سفيان عن هشام بن عروة" وقال الطوسي "عن سفيان عن الزهري" وكذا أخرجه الإسماعيلي عن ابن عمر عن سفيان عن هشام عن أبي يعلى وعن أبي معمر عن سفيان عن الزهري، وكذا أخرجه أبو نعيم من طريق القعنبي عن سفيان عن الزهري، فكأن لسفيان فيه شيخين. وفي رواية الجميع أنه أبو هريرة. ووقع في رواية ابن وهب عند الإسماعيلي: "ألا يعجبك أبو هريرة، جاء فجلس" ولأحمد ومسلم وأبي داود من هذا الوجه "ألا أعجبك من أبي هريرة" ووقع للقابسي بفتح الهمزة بعدها مثناة مفتوحة فعل ماض من الإتيان، وفلان بالرفع والتنوين وهو تصحيف لأنه تبين من الرواية الأخرى أنه بصيغة الكنية لا بلفظ الاسم المجرد عنها، والعجب أن القابسي أنكر عين روايته. وقال عياض: هي الصواب لولا قوله بعده "جاء". قلت: لأنه يصير تكرارا. قوله: "وكنت أسبح" أي أصلي نافلة، أو على، ظاهره أي أذكر الله، والأول أوجه. قوله: "ولو أدركته لرددت عليه" أي لأنكرت عليه وبينت له أن الترتيل في التحديث أولى من السرد. قوله: "لم يكن يسرد الحديث كسردكم" أي يتابع الحديث استعجالا بعضه إثر بعض لئلا يلتبس على المستمع. زاد الإسماعيلي من رواية بن المبارك عن يونس "إنما كان حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلا، فهما تفهمه القلوب" واعتذر
(6/578)

عن أبي هريرة بأنه كان واسع الرواية كثير المحفوظ، فكان لا يتمكن من المهل عند إرادة التحديث كما قال بعض البلغاء: أريد أن أقتصر فتتزاحم القوافي علي في.
(6/579)

باب كان النبي صلى الله عليه و سلم تنام عينه و لا ينام قلبه
...