باب عَلاَمَاتِ النُّبُوَّةِ فِي الإِسْلاَمِ 23
 

لأنه بري حتى عاد نضوا أي هزيلا. وحكى الجوهري عن بعض أهل اللغة أن النضي النصل، والأول أولى، و"القذذ" بضم القاف ومعجمتين الأولى مفتوحة جمع قذة وهي ريش السهم يقال لكل واحدة قذة، ويقال هو أشبه به من القذة بالقذة لأنها تجعل على مثال واحد. وقوله: "آيتهم" أي علامتهم، وقوله: "بضعة" بفتح الموحدة أي قطعة لحم، وقوله: "تدردر" بدالين وراءين مهملات أي تضطرب، والدردرة صوت إذا اندفع سمع له اختلاط، وقوله: "على حين فرقة" أي زمان فرقة، وهو بضم الفاء أي افتراق. وفي رواية الكشميهني: "على خير" بخاء معجمة وراء أي أفضل، وفرقة بكسر الفاء أي طائفة وهي رواية الإسماعيلي، ويؤيد الأول حديث مسلم من وجه آخر عن أبي سعيد "تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين تقتلها أولى الطائفتين بالحق" أخرجه هكذا مختصرا من وجهين، وفي هذا وفي قوله صلى الله عليه وسلم: "تقتل عمارا الفئة الباغية" دلالة واضحة على أن عليا ومن معه كانوا على الحق وأن من قاتلهم كانوا مخطئين في تأويلهم، والله أعلم. وقوله في آخر الحديث: "فأتي به" أي بذي الخويصرة "حتى نظرت إليه على نعت النبي صلى الله عليه وسلم الذي نعته" يريد ما تقدم من كونه أسود إحدى عضديه مثل ثدي المرأة إلخ، قال بعض أهل اللغة: النعت يختص بالمعاني كالطول والقصر والعمى والخرس، والصفة بالفعل كالضرب والجروح. وقال غيره: النعت للشيء الخاص والصفة أعم. حديث علي في الخوارج وسيأتي شرحه في استتابة المرتدين. وقوله: "سويد بن غفلة" بفتح المعجمة والفاء، قال حمزة الكناني صاحب النسائي: ليس يصح لسويد عن علي غيره. وقوله: "الحرب خدعة" تقدم ضبطه وشرحه في الجهاد. وقوله: "حدثاء الأسنان" أي صغارها، و"سفهاء الأحلام" أي ضعفاء العقول. وقوله: "يقولون من قول خير البرية" أي من القرآن كما في حديث أبي سعيد الذي قبله "يقرءون القرآن" وكان أول كلمة خرجوا بها قولهم: لا حكم إلا الله، وانتزعوها من القرآن وحملوها على غير محملها. وقوله: "فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم" في رواية الكشميهني: "فإن قتلهم".
3612- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا قَيْسٌ عَنْ خَبَّابِ بْنِ الأَرَتِّ قَالَ شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ قُلْنَا لَهُ أَلاَ تَسْتَنْصِرُ لَنَا أَلاَ تَدْعُو اللَّهَ لَنَا قَالَ كَانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِي الأَرْضِ فَيُجْعَلُ فِيهِ فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لاَ يَخَافُ إِلاَّ اللَّهَ أَوْ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ".
[الحديث 3612 – طرفاه في: 3852، 6643]
الحديث الرابع والثلاثون: حديث خباب، وسيأتي شرحه قريبا في "باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بمكة" وقوله فيه: "فيجاء" كذا للأكثر بالجيم. وقال عياض وقع في رواية الأصيلي بالحاء والمهملة وهو تصحيف، والفيح الباب الواسع ولا معنى له هنا. قوله: "حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت" يحتمل أن يريد صنعاء اليمن، وبينها وبين حضرموت من اليمن أيضا مسافة بعيدة نحو خمسة أيام، ويحتمل أن يريد صنعاء الشام والمسافة بينهما
(6/619)

أبعد بكثير، والأول أقرب، قال ياقوت: هي قرية على باب دمشق عند باب الفراديس تتصل بالعقيبة. قلت: وسميت باسم من نزلها من أهل صنعاء اليمن.
3613- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ أَنْبَأَنِي مُوسَى بْنُ أَنَسٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ افْتَقَدَ ثَابِتَ بْنَ قَيْسٍ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا أَعْلَمُ لَكَ عِلْمَهُ فَأَتَاهُ فَوَجَدَهُ جَالِسًا فِي بَيْتِهِ مُنَكِّسًا رَأْسَهُ فَقَالَ مَا شَأْنُكَ فَقَالَ شَرٌّ كَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ فَأَتَى الرَّجُلُ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَالَ كَذَا وَكَذَا فَقَالَ مُوسَى بْنُ أَنَسٍ فَرَجَعَ الْمَرَّةَ الْآخِرَةَ بِبِشَارَةٍ عَظِيمَةٍ فَقَالَ اذْهَبْ إِلَيْهِ فَقُلْ لَهُ إِنَّكَ لَسْتَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ وَلَكِنْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ".
[الحديث 3613 – طرفه في: 4846]