باب عَلاَمَاتِ النُّبُوَّةِ فِي الإِسْلاَمِ 25
 

3614- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَرَأَ رَجُلٌ الْكَهْفَ وَفِي الدَّارِ الدَّابَّةُ فَجَعَلَتْ تَنْفِرُ فَسَلَّمَ فَإِذَا ضَبَابَةٌ أَوْ سَحَابَةٌ غَشِيَتْهُ فَذَكَرَهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ اقْرَأْ فُلاَنُ فَإِنَّهَا السَّكِينَةُ نَزَلَتْ لِلْقُرْآنِ أَوْ تَنَزَّلَتْ لِلْقُرْآنِ".
[الحديث 3614 – طرفاه في: 4839، 5011]
الحديث السادس والثلاثون: حديث البراء "قرأ رجل الكهف" هو أسيد بن حضير كما سيأتي بيان ذلك في فضائل القرآن بأتم منه.
3615- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ أَبُو الْحَسَنِ الْحَرَّانِيُّ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ يَقُولُ جَاءَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى أَبِي فِي مَنْزِلِهِ فَاشْتَرَى مِنْهُ رَحْلًا فَقَالَ لِعَازِبٍ ابْعَثْ ابْنَكَ يَحْمِلْهُ مَعِي قَالَ فَحَمَلْتُهُ مَعَهُ وَخَرَجَ أَبِي يَنْتَقِدُ ثَمَنَهُ فَقَالَ لَهُ أَبِي يَا أَبَا بَكْرٍ حَدِّثْنِي كَيْفَ صَنَعْتُمَا حِينَ سَرَيْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ نَعَمْ أَسْرَيْنَا لَيْلَتَنَا وَمِنْ الْغَدِ حَتَّى قَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ وَخَلاَ الطَّرِيقُ لاَ يَمُرُّ فِيهِ أَحَدٌ فَرُفِعَتْ لَنَا صَخْرَةٌ طَوِيلَةٌ لَهَا ظِلٌّ لَمْ تَأْتِ عَلَيْهِ الشَّمْسُ فَنَزَلْنَا عِنْدَهُ وَسَوَّيْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَانًا بِيَدِي يَنَامُ عَلَيْهِ وَبَسَطْتُ فِيهِ فَرْوَةً وَقُلْتُ نَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَنَا أَنْفُضُ لَكَ مَا حَوْلَكَ فَنَامَ وَخَرَجْتُ أَنْفُضُ مَا حَوْلَهُ فَإِذَا أَنَا بِرَاعٍ مُقْبِلٍ بِغَنَمِهِ إِلَى الصَّخْرَةِ يُرِيدُ مِنْهَا مِثْلَ الَّذِي أَرَدْنَا فَقُلْتُ لَهُ لِمَنْ أَنْتَ يَا غُلاَمُ فَقَالَ لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَوْ مَكَّةَ قُلْتُ أَفِي غَنَمِكَ لَبَنٌ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ أَفَتَحْلُبُ قَالَ نَعَمْ فَأَخَذَ شَاةً فَقُلْتُ انْفُضْ الضَّرْعَ مِنْ التُّرَابِ وَالشَّعَرِ وَالْقَذَى قَالَ فَرَأَيْتُ الْبَرَاءَ يَضْرِبُ إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الأُخْرَى يَنْفُضُ فَحَلَبَ فِي قَعْبٍ كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ وَمَعِي إِدَاوَةٌ حَمَلْتُهَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْتَوِي مِنْهَا يَشْرَبُ وَيَتَوَضَّأُ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَهُ فَوَافَقْتُهُ حِينَ اسْتَيْقَظَ فَصَبَبْتُ مِنْ الْمَاءِ عَلَى اللَّبَنِ حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ فَقُلْتُ اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ ثُمَّ قَالَ أَلَمْ يَأْنِ لِلرَّحِيلِ قُلْتُ بَلَى قَالَ فَارْتَحَلْنَا بَعْدَمَا مَالَتْ الشَّمْسُ وَاتَّبَعَنَا سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ فَقُلْتُ أُتِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَدَعَا عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَارْتَطَمَتْ بِهِ فَرَسُهُ إِلَى بَطْنِهَا أُرَى فِي جَلَدٍ مِنْ الأَرْضِ شَكَّ زُهَيْرٌ فَقَالَ إِنِّي أُرَاكُمَا قَدْ دَعَوْتُمَا عَلَيَّ فَادْعُوَا لِي فَاللَّهُ لَكُمَا أَنْ أَرُدَّ عَنْكُمَا الطَّلَبَ فَدَعَا لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَجَا فَجَعَلَ لاَ يَلْقَى أَحَدًا إِلاَّ قَالَ قَدْ كَفَيْتُكُمْ مَا هُنَا فَلاَ يَلْقَى أَحَدًا إِلاَّ رَدَّهُ قَالَ وَوَفَى لَنَا".
(6/622)

الحديث السابع والثلاثون: حديث البراء عن أبي بكر في قصة الهجرة، وقد تقدم شرح بعضه في آخر اللقطة، وقوله هنا في أوله "حدثنا محمد بن يوسف" هو البيكندي وهو من صغار شيوخه، وشيخه الآخر محمد بن يوسف الفريابي أكبر من هذا وأقدم سماعا وقد أكثر البخاري عنه، وأحمد بن يزيد يعرف بالورتنيسي، بفتح الواو وسكون الراء وفتح المثناة وتشديد النون المكسورة بعدها تحتانية ساكنة ثم مهملة، وزهير بن معاوية هو أبو خيثمة الجعفي قال البزار: لم يرو هذا الحديث تاما عن أبي إسحاق إلا زهير وأخوه خديج وإسرائيل، وروى شعبة منه قصة اللبن خاصة، انتهى. وقد رواه عن إسحاق مطولا أيضا حفيده يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق وهو في "باب الهجرة إلى المدينة" لكنه لم يذكر فيه قصة سراقة وزاد فيه قصة غيرها كما سيأتي. قوله: "جاء أبو بكر" أي الصديق "إلى أبي" هو عازب بن الحارث بن عدي الأوسي من قدماء الأنصار. قوله: "فاشترى منه رحلا" بفتح الراء وسكون المهملة هو للناقة كالسرج للفرس. قوله: "ابعث ابنك يحمله معي، قال فحملته وخرج أبي ينتقد ثمنه، فقال له أبي: يا أبا بكر حدثني كيف صنعتما" ووقع في رواية إسرائيل الآتية في فضل أبي بكر "إن عازبا امتنع من إرسال ابنه مع أبي بكر حتى يحدثه أبو بكر بالحديث" وهي زيادة ثقة مقبولة لا تنافي هذه الرواية، بل يحتمل قوله: "فقال له أبي" أي من قبل أن أحمله معه، أو أعاد عازب سؤال أبي بكر عن التحديث بعد أن شرطه عليه أولا وأجابه إليه. قوله: "حين سريت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فعم أسرينا" هكذا استعمل كل منهما إحدى اللغتين، فإنه يقال سريت وأسريت في سير الليل. قوله: "ليلتنا" أي بعضها، وذلك حين خرجوا من الغار كما سيأتي بيانه في حديث عائشة في الهجرة إلى المدينة، ففيها أنهما لبثا في الغار ثلاث ليال ثم خرجا، وقوله: "ومن الغد" فيه تجوز لأن السير الذي عطف عليه سير الليل. قوله: "حتى قام قائم الظهيرة" أي نصف النهار، وسمي قائما لأن الظل لا يظهر حينئذ فكأنه واقف، ووقع في رواية إسرائيل "أسرينا ليلتنا ويومنا حتى أظهرنا" أي دخلنا في وقت الظهر. قوله: "فرفعت لنا صخرة" أي ظهرت. قوله: "لم تأت عليها" أي على الصخرة، وللكشميهني: "لم تأت عليه" أي على الظل. قوله: "وبسطت عليه فروة" هي معروفة، ويحتمل أن يكون المراد شيء من الحشيش اليابس، لكن يقوي الأول أن في رواية يوسف بن إسحاق "ففرشت له فروة معي" وفي رواية خديج في جزء لوين "فروة كانت معي". قوله: "وأنا أنفض لك ما حولك" يعني من الغبار ونحو ذلك حتى لا يثيره عليه الريح، وقيل: معنى النفض هنا الحراسة يقال نفضت المكان إذا نظرت جميع ما فيه، ويؤيده قوله في رواية إسرائيل "ثم انطلقت أنظر ما حولي هل أرى من الطلب أحدا". قوله: "لرجل من أهل المدينة أو مكة" هو شك من الراوي أي اللفظين قال، وكأن الشك من أحمد بن يزيد فإن مسلما أخرجه من طريق الحسن بن محمد بن أعين عن زهير فقال فيه: "لرجل من أهل المدينة" ولم يشك، ووقع في رواية خديج "فسمى رجلا من أهل مكة" ولم يشك، والمراد بالمدينة مكة ولم يرد بالمدينة المدينة النبوية لأنها حينئذ لم تكن تسمى المدينة وإنما كان يقال لها يثرب، وأيضا فلم تجر العادة للرعاة أن يبعدوا في المراعي هذه المسافة البعيدة، ووقع في رواية إسرائيل "فقال لرجل من قريش سماه فعرفته" وهذا يؤيد ما قررته لأن قريشا لم يكونوا يسكنون المدينة النبوية إذ ذاك. قوله: "أفي غنمك لبن" بفتح اللام والموحدة، وحكى عياض أن في رواية: "لب" بضم اللام وتشديد الموحدة جمع "لابن" أي ذوات لبن. قوله: "أفتحلب؟ قال: نعم" الظاهر أن مراده بهذا الاستفهام أمعك إذن في
(6/623)