باب عَلاَمَاتِ النُّبُوَّةِ فِي الإِسْلاَمِ 26
 

الحلب لمن يمر بك على سبيل الضيافة؟ وبهذا التقرير يندفع الإشكال الماضي في أواخر اللقطة وهو كيف استجاز أبو بكر أخذ اللبن من الراعي بغير إذن مالك الغنم؟ ويحتمل أن يكون أبو بكر لما عرفه عرف رضاه بذلك بصداقته له أو إذنه العام لذلك، وقد تقدم باقي ما يتعلق بذلك هنا. قوله: "فقلت انفض الضرع" أي ثدي الشاة. وفي رواية إسرائيل الآتية "وأمرته فاعتقل شاة" أي وضع رجلها بين فخذيه أو ساقيه يمنعها من الحركة. قوله: "فأخذت قدحا فحلبت(1)" في رواية: "فأمرت الراعي فحلب" ويجمع بأنه تجوز في قوله: "فحلبت" ومراده أمرت بالحلب. قوله: "كثبة" بضم الكاف وسكون المثلثة وفتح الموحدة أي قدر قدح وقيل حلبة خفيفة، ويطلق على القليل من الماء واللبن وعلى الجرعة تبقى في الإناء وعلى القليل من الطعام والشراب وغيرهما من كل مجتمع. قوله: "واتبعنا سراقة بن مالك" في رواية إسرائيل "فارتحلنا والقوم يطلبوننا فلم يدركنا غير سراقة بن مالك بن جعشم". قوله: "فارتطمت" بالطاء المهملة أي غاصت قوائمها. قوله: "أرى" بضم الهمزة "في جلد من الأرض شك زهير" أي الراوي هل قال هذه اللفظة أم لا، والجلد بفتحتين الأرض الصلبة. وفي رواية مسلم أن الشك من زهير في قول سراقة "قد علمت أنكما قد دعوتما علي" ووقع في رواية خديج بن معاوية وهو أخو زهير "ونحن في أرض شديدة كأنها مجصصة، فإذا بوقع من خلفي فالتفت فإذا سراقة، فبكى أبو بكر فقال: أتينا يا رسول الله، قال: كلا، ثم دعا بدعوات" وستأتي قصة سراقة في أبواب الهجرة إلى المدينة من حديث سراقة نفسه بأتم من سياق البراء فلذلك أخرت شرحها إلى مكانها. وفي الحديث معجزة ظاهرة، وفيه فوائد أخرى يأتي ذكرها في مناقب أبي بكر الصديق.
3616- حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُخْتَارٍ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى أَعْرَابِيٍّ يَعُودُهُ قَالَ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ عَلَى مَرِيضٍ يَعُودُهُ قَالَ لاَ بَأْسَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَالَ لَهُ لاَ بَأْسَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ قُلْتُ طَهُورٌ كَلاَ بَلْ هِيَ حُمَّى تَفُورُ أَوْ تَثُورُ عَلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ تُزِيرُهُ الْقُبُورَ". فَقال النبي صلى الله عليه وسلم: "فَنَعَمْ إِذًا".
[الحديث 3616 – أطرافه في: 5656، 5662، 7470]
3617- حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ رَجُلٌ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ وَقَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ فَكَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَادَ نَصْرَانِيًّا فَكَانَ يَقُولُ مَا يَدْرِي مُحَمَّدٌ إِلاَّ مَا كَتَبْتُ لَهُ فَأَمَاتَهُ اللَّهُ فَدَفَنُوهُ فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ فَقَالُوا هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا فَأَلْقَوْهُ فَحَفَرُوا لَهُ فَأَعْمَقُوا فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ فَقَالُوا هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ فَأَلْقَوْهُ فَحَفَرُوا لَهُ وَأَعْمَقُوا لَهُ فِي الأَرْضِ مَا اسْتَطَاعُوا فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ فَعَلِمُوا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ النَّاسِ فَأَلْقَوْهُ".
ـــــــ
(1) في المتن "فحلب" ولعل ما وقع في الشرح رواية للمؤلف.
(6/624)