باب لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا 2
 
3675-حدثني محمد بن بشار حدثنا يحيى عن سعيد عن قتادة أن أنس بن مالك رضي الله عنه حدثهم "أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد أحدا وأبو بكر وعمر وعثمان فرجف بهم فقال: "اثبت أحد فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان"
[الحديث3675، طرفاه في:3686، 3699، ]
3676-حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا صَخْرٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بَيْنَمَا أَنَا عَلَى بِئْرٍ أَنْزِعُ مِنْهَا جَاءَنِي أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ فَأَخَذَ أَبُو بَكْرٍ الدَّلْوَ فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ وَفِي نَزْعِهِ ضَعْفٌ وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ ثُمَّ أَخَذَهَا ابْنُ الْخَطَّابِ مِنْ يَدِ أَبِي بَكْرٍ فَاسْتَحَالَتْ فِي يَدِهِ غَرْبًا فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا مِنْ النَّاسِ يَفْرِي فَرِيَّهُ فَنَزَعَ حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ بِعَطَنٍ" قَالَ وَهْبٌ: الْعَطَنُ مَبْرَكُ الإِبِلِ يَقُولُ: حَتَّى رَوِيَتْ الإِبِلُ، فَأَنَاخَتْ "
3677-حَدَّثَنِي الْوَلِيدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحُسَيْنِ الْمَكِّيُّ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ إِنِّي لَوَاقِفٌ فِي قَوْمٍ فَدَعَوْا اللَّهَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَقَدْ وُضِعَ عَلَى سَرِيرِهِ إِذَا رَجُلٌ مِنْ خَلْفِي قَدْ وَضَعَ مِرْفَقَهُ عَلَى مَنْكِبِي يَقُولُ رَحِمَكَ اللَّهُ إِنْ كُنْتُ لاَرْجُو أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ مَعَ صَاحِبَيْكَ لِأَنِّي كَثِيرًا مَا كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "كُنْتُ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَفَعَلْتُ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَانْطَلَقْتُ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ" فَإِنْ كُنْتُ لاَرْجُو أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ مَعَهُمَا فَالْتَفَتُّ فَإِذَا هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ"
[الحديث 3677-طرفه في: 3685]
3678-حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ عَنْ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو عَنْ أَشَدِّ مَا صَنَعَ الْمُشْرِكُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رَأَيْتُ عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي فَوَضَعَ رِدَاءَهُ فِي عُنُقِهِ فَخَنَقَهُ بِهِ خَنْقًا شَدِيدًا فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى دَفَعَهُ عَنْهُ فَقَالَ {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ} [غافر28]
[الحديث 3678-طرفاه في: 3856، 4815]
(7/22)

قوله( باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لو كنت متخذا خليلا قاله أبو سعيد يشير الى حديثه السابق قبل بباب ثم ذكر المصنف في الباب أحاديث الحديث الأول حديث أبي سعيد المذكور الحديث الثاني حديث ابن عباس أخرجه من طرق ثلاثة: الأولى: قوله: "لو كنت متخذا خليلا" زاد في حديث أبي سعيد "غير ربي" وفي حديث ابن مسعود عند مسلم: "وقد اتخذ الله صاحبكم خليلا" . وقد تواردت هذه الأحاديث على نفي الخلة من النبي صلى الله عليه وسلم لأحد من الناس، وأما ما روي عن أبي بن كعب قال: "إن أحدث عهدي بنبيكم قبل موته بخمس، دخلت عليه وهو يقول: "إنه لم يكن نبي إلا وقد اتخذ من أمته خليلا، وإن خليلي أبو بكر. ألا وإن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا" أخرجه أبو الحسن الحربي في فوائده، وهذا يعارضه ما في رواية جندب عند مسلم كما قدمته أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول قبل أن يموت بخمس "إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل" فإن ثبت حديث أبي أمكن أن يجمع بينهما بأنه لما برئ من ذلك تواضعا لربه وإعظاما له أذن الله تعالى له فيه من ذلك اليوم لما رأى من تشوفه إليه وإكراما لأبي بكر بذلك، فلا يتنافى الخبران، أشار إلى ذلك المحب الطبري. وقد روى من حديث أبي أمامة نحو حديث أبي بن كعب دون التقييد بالخمس، أخرجه الواحدي في تفسيره، والخبران واهيان، والله أعلم. قوله: "ولكن أخي وصاحبي" في رواية خيثمة في"فضائل الصحابة" عن أحمد بن الأسود عن مسلم بن إبراهيم وهو شيخ البخاري فيه: "ولكنه أخي وصاحبي في الله تعالى" وفي الرواية التي بعدها " ولكن أخوة الإسلام أفضل" وقد تقدم توجيهها قبل باب. وقوله: في الرواية الثانية"حدثنا معلى بن أسد وموسى بن إسماعيل التبوذكي" كذا للأكثر وهو الصواب، ووقع في رواية أبي ذر وحده"التنوخي" وهو تصحيف، وقد تقدم تفسير الخليل في ترجمة إبراهيم عليه السلام من أحاديث الأنبياء، واختلف في المودة والخلة والمحبة والصداقة هي مترادفة أو مختلفة، قال أهل اللغة: الخلة أرفع رتبة، وهو الذي يشعر به حديث الباب، وكذا قوله عليه السلام "لو كنت متخذا خليلا غير ربي" فإنه يشعر بأنه لم يكن له خليل من بني آدم، وقد ثبتت محبته لجماعة من أصحابه كأبي بكر وفاطمة وعائشة والحسنين وغيرهم، ولا يعكر على هذا اتصاف إبراهيم عليه السلام بالخلة ومحمد صلى الله عليه وسلم بالمحبة فتكون المحبة أرفع رتبة من الخلة، لأنه يجاب عن ذلك بأن محمدا صلى الله عليه وسلم قد ثبت له الأمران معا فيكون رجحانه من الجهتين، والله أعلم. وقال الزمخشري: الخليل هو الذي يوافقك في خلالك ويسايرك في طريقك، أو الذي يسد خللك وتسد خلله، أو يداخلك خلال منزلك انتهى. وكأنه جوز أن يكون اشتقاقه مما ذكر. وقيل: أصل الخلة انقطاع الخليل إلى خليله، وقيل: الخليل من يتخلله سرك، وقيل: من لا يسع قلبه غيرك، وقيل: أصل الخلة الاستصفاء، وقيل: المختص بالمودة، وقيل: اشتقاق الخليل من الخلة بفتح الخاء وهي الحاجة، فعلى هذا فهو المحتاج إلى من يخاله، وهذا كله بالنسبة إلى الإنسان، أما خلة الله للعبد فبمعنى نصره له ومعاونته. الحديث: حديث ابن الزبير في المعنى، وسيأتي الكلام على ما يتعلق منه بالجد في كتاب الفرائض إن شاء الله تعالى. والمراد بقوله: "كتب أهل الكوفة" بعض أهلها وهو عبد الله بن عتبة بن مسعود، وكان ابن الزبير جعله على قضاء الكوفة، أخرجه أحمد من طريق سعيد بن جبير قال: "كنت عند عبد الله بن عتبة، وكان ابن الزبير جعله على القضاء فجاءه كتابه: كتبت تسألني عن الجد" فذكره نحوه وزاد بعد قوله: "لاتخذت أبا بكر: ولكنه أخي في الدين، وصاحبي في الغار" ووقع في رواية أحمد من طريق ابن جريج عن ابن أبي مليكة في هذا
(7/23)

الحديث: "لو كنت متخذا خليلا سوى الله حتى ألقاه." الحديث الرابع: حديث محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه. قوله: "أتت امرأة" لم أقف على اسمها. قوله: "أرأيت" أي أخبرني. قوله: "إن جئت ولم أجدك، كأنها تقول الموت" في رواية يزيد بن هارون عن إبراهيم بن سعد عند البلاذري "قالت فإن رجعت فلم أجدك، تعرض بالموت"، وكذا عند الإسماعيلي من طريق ابن معمر عن إبراهيم، وهو يقوي جزم القاضي عياض أنه كلام جيد. وفي رواية الحميدي الآتي ذكرها في الأحكام "كأنها تعني الموت" ومرادها إن جئت فوجدتك قد مت ماذا أعمل؟ واختلف في تعيين قائل "كأنها" فجزم عياض بأنه جبير بن مطعم راوي الحديث وهو الظاهر، ويحتمل من دونه. وروى الطبراني من حديث عصمة بن مالك قال: "قلنا يا رسول الله إلى من ندفع صدقات أموالنا بعدك؟ قال: "إلى أبي بكر الصديق" وهو لو ثبت كان أصرح في حديث الباب من الإشارة إلى أنه الخليفة بعده، لكن إسناده ضعيف. وروى الإسماعيلي في معجمه من حديث سهل بن أبي خيثمة قال: "بايع النبي صلى الله عليه وسلم أعرابيا فسأله إن أتى عليه أجله من يقضيه؟ فقال: أبو بكر. ثم سأله من يقضيه بعده؟ قال: عمر" الحديث. وأخرجه الطبراني في "الأوسط" من هذا الوجه مختصرا. وفي الحديث أن مواعيد النبي صلى الله عليه وسلم كانت على من يتولى الخلافة بعده تنجيزها. وفيه رد على الشيعة في زعمهم أنه نص على استخلاف علي والعباس، وسيأتي شيء من ذلك في "باب الاستخلاف" من كتاب الأحكام إن شاء الله تعالى. الحديث: قوله: "حدثنا أحمد بن أبي الطيب" هو المروزي، بغدادي الأصل يكنى أبا سليمان واسم أبيه سليمان، وصفه أبو زرعة بالحفظ، وضعفه أبو حاتم؛ وليس له في البخاري غير هذا الحديث. وقد أخرجه من رواية غيره كما سيأتي في "باب إسلام أبي بكر". قوله: "حدثنا إسماعيل بن مجالد" بالجيم هو الكوفي، قواه يحيى بن معين وجماعة، ولينه بعضهم، وليس له عند البخاري أيضا غير هذا الحديث. ووبرة بفتح الواو والموحدة تابعي صغير. قوله: "عن همام" هو ابن الحارث، وعند الإسماعيلي من طريق جهور بن منصور عن إسماعيل "سمعت همام بن الحارث" وهو من كبار التابعين، وعمار هو ابن ياسر، والإسناد من إسماعيل فصاعدا كوفيون. قوله: "وما معه" أي ممن أسلم. قوله: "إلا خمسة أعبد وامرأتان وأبو بكر" أما الأعبد فهم بلال وزيد بن حارثة وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر، فإنه أسلم قديما مع أبي بكر، وروى الطبراني من طريق عروة أنه كان ممن كان يعذب في الله فاشتراه أبو بكر وأعتقه، وأبو فكيهة مولى صفوان بن أمية بن خلف ذكر ابن إسحاق أنه أسلم حين أسلم بلال فعذبه أمية فاشتراه أبو بكر فأعتقه. وأما الخامس فيحتمل أن يفسر بشقران، فقد ذكر ابن السكن في "كتاب الصحابة" عن عبد الله بن داود أن النبي صلى الله عليه وسلم ورثه من أبيه هو وأم أيمن، وذكر بعض شيوخنا بدل أبي فكيهة عمار بن ياسر وهو محتمل، وكان ينبغي أن يكون منهم أبوه فإن الثلاثة كانوا ممن يعذب في الله وأمه أول من استشهدت في الإسلام طعنها أبو جهل في قلبها بحربة فماتت، وأما المرأتان فخديجة والأخرى أم أيمن أو سمية، وذكر بعض شيوخنا تبعا للدمياطي أنها أم الفضل زوج العباس، وليس بواضح لأنها وإن كانت قديمة الإسلام إلا أنها لم تذكر في السابقين، ولو كان كما قال لعد أبو رافع مولى العباس لأنه أسلم حين أسلمت أم الفضل. كذا عند ابن إسحاق. وفي هذا الحديث أن أبا بكر أول من أسلم من الأحرار مطلقا، ولكن مراد عمار بذلك ممن أظهر إسلامه، وإلا فقد كان حينئذ جماعة ممن أسلم لكنهم كانوا يخفونه من أقاربهم، وسيأتي قول سعد إنه كان ثلث الإسلام، وذلك بالنسبة إلى من اطلع على إسلامه ممن سبق إسلامه.