باب ذِكْرِ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
 
3764-حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ بِشْرٍ حَدَّثَنَا الْمُعَافَى عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الأَسْوَدِ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ أَوْتَرَ مُعَاوِيَةُ بَعْدَ الْعِشَاءِ بِرَكْعَةٍ وَعِنْدَهُ مَوْلًى لِابْنِ عَبَّاسٍ فَأَتَى ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ دَعْهُ فَإِنَّهُ قَدْ صَحِبَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"
[الحديث 3764-طرفه فى:3765]
3765-حدثنا ابن مريم حدثنا نافع بن عمر حدثنى ابن أبي ملكية "قيل لابن عباسٍ:هل لك في أمير المؤمنين معاوية فانه ما أوتر إلا بواحدة، قال: إنه فقيه"
3766-حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ قَالَ سَمِعْتُ حُمْرَانَ بْنَ أَبَانَ عَنْ مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ إِنَّكُمْ لَتُصَلُّونَ صَلاَةً لَقَدْ صَحِبْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا رَأَيْنَاهُ يُصَلِّيهَا وَلَقَدْ نَهَى عَنْهُمَا يَعْنِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ"
(7/103)

قوله: "باب ذكر معاوية" أي ابن أبي سفيان واسمه صخر ويكنى أيضا أبا حنظلة بن حرب بن أمية بن عبد شمس، أسلم قبل الفتح، وأسلم أبواه بعده، وصحب النبي صلى الله عليه وسلم وكتب له، وولي إمرة دمشق عن عمر بعد موت أخيه يزيد بن أبي سفيان سنة تسع عشرة واستمر عليها بعد ذلك إلى خلافة عثمان، ثم زمان محاربته لعلي وللحسن، ثم اجتمع عليه الناس في سنة إحدى وأربعين إلى أن مات سنة ستين، فكانت ولايته بين إمارة ومحاربة ومملكة أكثر من أربعين سنة متوالية.قوله: "حدثنا المعافى" هو ابن عمران الأزدي الموصلي يكنى أبا مسعود، وكان من الثقات النبلاء، وقد لقي بعض التابعين، وتلمذ لسفيان الثوري، وكان يلقب ياقوتة العلماء، وكان الثوري شديد التعظيم له، مات سنة خمس أو ست وثمانين ومائة، وليس له في البخاري سوى هذا الموضع وموضع آخر تقدم في الاستسقاء، وفي الرواة آخر يقال له المعافى بن سليمان أصغر من هذا، ووهم من عكس ذلك على ما يظهر من كلام ابن التين، ومات المعافى بن سليمان سنة مائتين وأربع وثلاثين، أخرج له النسائي وحده وأخرج للمعافى بن عمران مع البخاري أبو داود والنسائي.قوله: "وعنده مولى لابن عباس" هو كريب، روي ذلك محمد بن نصر المروزي في "كتاب الوتر" له من طريق ابن عيينة عن عبيد الله بن أبي يزيد عن كريب.وأخرج من طريق علي بن عبد الله بن عباس قال: "بت مع أبي عند معاوية، فرأيته أوتر بركعة، فذكرت ذلك لأبي فقال: يا بني، هو أعلم".قوله: "فقال دعه" فيه حذف يدل عليه السياق تقديره: فأتى ابن عباس فحكى له ذلك فقال له: دعه، وقوله: "دعه" أي اترك القول فيه والإنكار عليه "فإنه قد صحت" أي فلم يفعل شيئا إلا بمستند.وفي قوله في الرواية الأخرى "أصاب، إنه فقيه" ما يؤيد ذلك، ولا التفات إلى قول ابن التين: إن الوتر بركعة لم يقل به الفقهاء، لأن الذي نفاه قول الأكثر، وثبت فيه عدة أحاديث، نعم الأفضل أن يتقدمها شفع وأقله ركعتان، واختلف أيما الأفضل وصلهما بها ثم اورد حديث معاوية في النهي عن الصلاة بعد العصر، والغرض منه قوله: "لقد صحبنا النبي صلى الله عليه وسلم": والكلام على الصلاة بعد صلاة العصر تقدم في مكانه في كتاب الصلاة."تنبيه": عير البخاري في هذه الترجمة بقوله ذكر ولم يقل فضيلة ولا منقبة لكون الفضيلة لا تؤخذ من حديث الباب، لأن ظاهر شهادة ابن عباس له بالفقه والصحبة دالة على الفضل الكثير، وقد صنف ابن أبي عاصم جزءا في مناقبه، وكذلك أبو عمر غلام ثعلب، وأبو بكر النقاش وأورد ابن الجوزي في الموضوعات بعض الأحاديث التي ذكروها ثم ساق عن إسحاق بن راهويه أنه قال لم يصح في فضائل معاوية شيء، فهذه النكتة في عدول البخاري عن التصريح بلفظ منقبة اعتمادا على قول شيخه، لكن بدقيق نظره استنبط ما يدفع به رءوس الروافض، وقصة النسائي في ذلك مشهورة، وكأنه اعتمد أيضا على قول شيخه إسحاق، وكذلك في قصة الحاكم.وأخرج ابن الجوزي أيضا من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل: سألت أبي ما تقول في علي ومعاوية؟ فأطرق ثم قال: اعلم أن عليا كان كثير الأعداء ففتش أعداؤه له عيبا فلم يجدوا، فعمدوا إلى رجل قد حاربه فأطروه كيادا منهم لعلي، فأشار بهذا إلى ما اختلقوه لمعاوية من الفضائل مما لا أصل له وقد ورد في فضائل معاوية أحاديث كثيرة لكن ليس فيها ما يصح من طريق الإسناد، وبذلك جزم إسحاق بن راهويه والنسائي وغيرهما، والله أعلم
(7/104)