باب مَنْقَبَةُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
 
وَقَالَتْ عَائِشَةُ وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ رَجُلًا صَالِحًا
3807- حدثنا إسحاق حدثنا عبد الصمد حدثنا شعبة حدثنا قتادة قال سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه قال أبو أسيد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "خير دور الأنصار بنو النجار, ثم بنو عبد الأشهل ثم بنو الحارث بن الخزرج, ثم بنو ساعدة, وفي كل دور الأنصار خير" . فقال سعد بن عبادة- وكان ذا قدم في الإسلام -:أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم قد فضل علينا. فقيل له: قد فضلكم على ناس كثير"
قوله: "منقبة سعد بن عبادة" أي ابن دليم بن حارثة بن أبي خزيمة بن ثعلبة بن طريف بن الخزرج بن ساعدة يكنى أبا ثابت، وهو والد قيس بن سعد أحد مشاهير الصحابة، وكان سعد كبير الخزرج وأحد المشهورين بالجود، ومات بحوران من أرض الشام سنة أربع عشرة أو خمس عشرة في خلافة عمر. ثم ذكر فيه حديث أبي أسيد في دور الأنصار وقد تقدم قريبا، وأورده هنا لقوله في هذه الطريق" وكان ذا قدم في الإسلام".قوله: "وقالت عائشة: وكان قبل ذلك رجلا صالحا" هذا طرف من حديث الإفك الطويل، وسيأتي بتمامه في تفسير سورة النور إن شاء الله تعالى، وذكرت عائشة فيه ما دار بين سعد بن عبادة وأسيد بن حضير حيث قال: "وإن كان من إخواننا من الخزرج فمرنا بأمرك، فقال له سعد بن عبادة: لا تستطيع قتله" فثار بينهم الكلام إلى أن أسكتهم النبي صلى الله عليه وسلم، فأشارت عائشة إلى أن سعد بن عبادة كان قبل أن يقول تلك المقالة رجلا صالحا، ولا يلزم من ذلك أن يكون خرج عن هذه الصفة إذ ليس في الخبر تعرض لما بعد تلك المقالة، والظاهر استمرار ثبوت تلك الصفة له لأنه معذور في تلك المقالة لأنه كان فيها متأولا، فلذلك أوردها المصنف في مناقبه، ولم يبد منه ما يعاب به قبل هذه المقالة، وعذر سعد فيها ظاهر، لأنه تخيل أن الأوسي أراد الغض من قبيلة الخزرج لما كان بين الطائفتين فرد عليه، ثم لم يقع من سعد بعد ذلك شيء يعاب به إلا أنه امتنع من بيعة أبي بكر فيما يقال وتوجه إلى الشام فمات بها، والعذر له في ذلك أنه تأول أن للأنصار في الخلافة استحقاقا فبنى على ذلك، وهو معذور وإن كان ما اعتقده من ذلك خطأ.
(7/126)