باب ذِكْرُ هِنْدٍ بِنْتِ عُتْبَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا
 
3825- وَقَالَ عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنْ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَنِي عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ جَاءَتْ هِنْدٌ بِنْتُ عُتْبَةَ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ مِنْ أَهْلِ خِبَاءٍ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَذِلُّوا مِنْ أَهْلِ خِبَائِكَ ثُمَّ مَا أَصْبَحَ الْيَوْمَ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَهْلُ خِبَاءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ أَنْ يَعِزُّوا مِنْ أَهْلِ خِبَائِكَ قَالَتْ وَأَيْضًا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مِسِّيكٌ فَهَلْ عَلَيَّ حَرَجٌ أَنْ أُطْعِمَ مِنْ الَّذِي لَهُ عِيَالَنَا قَالَ لاَ أُرَاهُ إِلاَّ بِالْمَعْرُوفِ".
قوله: "باب ذكر هند بنت عتبة بن ربيعة" أي ابن عبد شمس، وهي والدة معاوية، قتل أبوها ببدر كما سيأتي في المغازي، وشهدت مع زوجها أبي سفيان أحدا، وحرضت على قتل حمزة عم النبي صلى الله عليه وسلم لكونه قتل عمها شيبة وشرك في قتل أبيها عتبة فقتله وحشي بن حرب كما سيأتي بيان ذلك في حديث وحشي، ثم أسلمت هند يوم الفتح، وكانت من عقلاء النساء، وكانت قبل أبي سفيان عند الفاكه بن المغيرة المخزومي ثم طلقها في قصة جرت، فتزوجها أبو سفيان فأنتجت عنده، وهي القائلة للنبي صلى الله عليه وسلم لما شرط على النساء المبايعة ولا يسرقن ولا يزنين" وهل تزني الحرة "؟ وماتت هند في خلافة عمر. قوله: "وقال عبدان" كذا للجميع بصيغة التعليق، وكلام أبي نعيم في "المستخرج" يقتضي أن البخاري أخرجه موصولا عن عبدان، وقد وصله البيهقي أيضا من طريق أبي الموجه عن عبدان. قوله: "خباء" بكسر المعجمة وتخفيف الموحدة مع المد هي خيمة من وبر أو صوف، ثم أطلقت على البيت كيف ما كان. قوله: "قال وأيضا والذي نفسي بيده" قال ابن التين: فيه تصديق لها فيما ذكرته، كأنه رأى أن المعنى: وأنا أيضا بالنسبة إليك مثل ذلك. تعقب من جهة طرفي البغض والحب، فقد كان في المشركين من كان أشد أذى للنبي صلى الله عليه وسلم من هند وأهلها، وكان في المسلمين بعد أن أسلمت من هو أحب إلى النبي صلى الله عليه وسلم منها ومن أهلها، فلا يمكن حمل الخبر على ظاهره. وقال غيره: المعنى بقوله: "وأيضا"ستزيدين في المحبة كلما تمكن الإيمان من قلبك وترجعين عن البغض المذكور حتى لا يبقى له أثر، فأيضا خاص بما يتعلق بها لا أن المراد بها أني كنت في حقك كما
(7/141)

ذكرت في البغض ثم صرت على خلافه في الحب بل ساكت عن ذلك، ولا يعكر على هذا قوله في بعض الروايات"وأنا" إن ثبتت الرواية بذلك. قوله: "إن أبا سفيان رجل مسيك" سيأتي شرحه في كتاب النفقات إن شاء الله تعالى، وفي الحديث دلالة على وفور عقل هند وحسن تأتيها في المخاطبة، ويؤخذ منه أن صاحب الحاجة يستحب له أن يقدم بين يدي نحواه اعتذارا إذا كان في نفس الذي يخاطبه عليه موجدة، وأن المعتذر يستحب له أن يقدم ما يتأكد به صدقه عند من يعتذر إليه، لأن هندا قدمت الاعتراف بذكر ما كانت عليه من البغض ليعلم صدقها فيما ادعته من المحبة، وقد كانت هند في منزلة أمهات نساء النبي صلى الله عليه وسلم لأن أم حبيبة إحدى زوجاته بنت زوجها أبي سفيان.
(7/142)