باب قَتْلِ أَبِي جَهْلٍ 3
 
وعبيدة لعتبة وعليا للوليد، ثم قال الليث: إن عتبة لحمزة وشيبة لعبيدة ا هـ. قال بعض من لقيناه: اتفقت الروايات على أن عليا للوليد، وإنما اختلفت في عتبة وشيبة أيهما لعبيدة وحمزة، والأكثر على أن شيبة لعبيدة. قلت: وفي دعوى الاتفاق نظر، فقد أخرج أبو داود من طريق حارثة بن مضرب عن علي قال: "تقدم عتبة وتبعه ابنه وأخوه، فانتدب له شباب من الأنصار، فقال: لا حاجة لنا فيكم، إنما أردنا بني عمنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قم يا حمزة، قم يا علي، قم يا عبيدة . فأقبل حمزة إلى عتبة وأقبلت إلى شيبة واختلف بين عبيدة والوليد ضربتان فأثخن كل واحد منهما صاحبه، ثم ملنا على الوليد فقتلناه واحتملنا عبيدة" قلت: وهذا أصح الروايات، لكن الذي في السير من أن الذي بارزه علي هو الوليد هو المشهور وهو اللائق بالمقام، لأن عبيدة وشيبة كانا شيخين كعتبة وحمزة، بخلاف علي والوليد فكانا شابين. وقد روى الطبراني بإسناد حسن عن علي قال: "أعنت أنا وحمزة عبيدة بن الحارث على الوليد بن عتبة، فلم يعب النبي صلى الله عليه وسلم ذلك علينا" وهذا موافق لرواية أبي داود، فالله أعلم. وفي الحديث جواز المبارزة خلافا لمن أنكرها كالحسن البصري. وشرط الأوزاعي والثوري وأحمد وإسحاق للجواز إذن الأمير على الجيش، وجواز إعانة المبارز رفيقه، وفيه فضيلة ظاهرة لحمزة وعلي وعبيدة بن الحارث رضي الله عنهم. قوله: "حدثنا يوسف بن يعقوب كان ينزل في بني ضبيعة" بالمعجمة والموحدة مصغر. قوله: "وهو مولى لبني سدوس" قلت: ولذلك كان يقال له السدوسي تارة والضبعي تارة، وكان يقال له السلعي بمهملتين ولام ساكنة وقد تحرك ويقال له أيضا صاحب السلعة نسب إلى سلعة كانت بقفاه، وليس له في البخاري سوى هذا الحديث. قوله: "فينا نزلت هذه الآية: هذان خصمان اختصموا في ربهم" هكذا أورده مختصرا، وأورده الإسماعيلي عن ابن صاعد عن هلال بن بشر عن يوسف بن يعقوب المذكور بلفظ: "فينا نزلت هذه الآية، وفي مبارزتنا يوم بدر" وأخرجه من وجه آخر عن سليمان التيمي بلفظ: "في الذين برزوا يوم بدر في الفريقين" وسماهم. قوله في طريق وكيع عن سفيان "في هؤلاء الرهط الستة يوم بدر نحوه" الضمير يعود إلى سياق قبيصة عن سفيان، ويوضح ذلك ما أخرجه الإسماعيلي من وجه آخر عن وكيع، فإنه ذكر الباب هنا وزاد تسمية الستة، وعنده من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الذين اختصموا في يوم بدر. قوله: "حدثنا يعقوب بن إبراهيم" زاد أبو ذر في روايته: "الدورقي" الحديث السابع: حديث البراء بن عازب. قوله: "إسحاق بن منصور السلولي" وإبراهيم بن يوسف هو ابن أبي إسحاق السبيعي. قوله: "سأل رجل" لم أقف على اسمه، ويحتمل أن يكون هو الراوي فأبهم اسمه. قوله: "أشهد" بهمزة الاستفهام. قوله: "وبارز وظاهر" بلفظ الفعل الماضي فيهما، وقد تقدم حديث المبارزة في الذي قبله، وقوله: "ظاهر" أي لبس درعا على درع، وقوله في الجواب "قال بارز وظاهر" فيه حذف تقديره: قال نعم شهد، فإنه بارز فيها وظاهر. ووقع في رواية الإسماعيلي: "أشهد علي بدرا؟ قال حقا". "تنبيه": حديث البراء هذا من مراسيل الصحابة لأنه لم يشهد بدرا، فكأنه تلقى ذلك عمن شهدها من الصحابة أو سمع من النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك.
3971- حدثنا عبد العزيز بن عبد الله قال حدثني يوسف بن الماجشون عن صالح بن إبراهيم بن عبد الرحن بن عوف عن أبيه عن جده عبد الرحمن قال "كاتبت أمية بن خلف, فلما كان يوم بدر – فذكر قتله وقتل إبنه – فقال بلال: لانجوت إن نجا أمية".
(7/298)

3972- حَدَّثَنَا عَبْدَانُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ الأَسْوَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَرَأَ {وَالنَّجْمِ} فَسَجَدَ بِهَا وَسَجَدَ مَنْ مَعَهُ غَيْرَ أَنَّ شَيْخًا أَخَذَ كَفًّا مِنْ تُرَابٍ فَرَفَعَهُ إِلَى جَبْهَتِهِ فَقَالَ يَكْفِينِي هَذَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ بَعْدُ قُتِلَ كَافِرًا".
3973- أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ مَعْمَرٍ أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ عُرْوَةَ قَالَ كَانَ
فِي الزُّبَيْرِ ثَلاَثُ ضَرَبَاتٍ بِالسَّيْفِ إِحْدَاهُنَّ فِي عَاتِقِهِ قَالَ إِنْ كُنْتُ لاَدْخِلُ أَصَابِعِي فِيهَا قَالَ ضُرِبَ ثِنْتَيْنِ يَوْمَ بَدْرٍ وَوَاحِدَةً يَوْمَ الْيَرْمُوكِ قَالَ عُرْوَةُ وَقَالَ لِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ حِينَ قُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ يَا عُرْوَةُ هَلْ تَعْرِفُ سَيْفَ الزُّبَيْرِ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَمَا فِيهِ قُلْتُ فِيهِ فَلَّةٌ فُلَّهَا يَوْمَ بَدْرٍ قَالَ صَدَقْتَ بِهِنَّ فُلُولٌ مِنْ قِرَاعِ الْكَتَائِبِ ثُمَّ رَدَّهُ عَلَى عُرْوَةَ قَالَ هِشَامٌ فَأَقَمْنَاهُ بَيْنَنَا ثَلاَثَةَ آلاَفٍ وَأَخَذَهُ بَعْضُنَا وَلَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ أَخَذْتُهُ"
3974- حَدَّثَنَا فَرْوَةُ حَدَّثَنَا عَلِيٌّ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ سَيْفُ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ مُحَلًّى بِفِضَّةٍ قَالَ هِشَامٌ "وَكَانَ سَيْفُ عُرْوَةَ مُحَلًّى بِفِضَّةٍ"
3975- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ "أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا لِلزُّبَيْرِ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ أَلاَ تَشُدُّ فَنَشُدَّ مَعَكَ فَقَالَ إِنِّي إِنْ شَدَدْتُ كَذَبْتُمْ فَقَالُوا لاَ نَفْعَلُ فَحَمَلَ عَلَيْهِمْ حَتَّى شَقَّ صُفُوفَهُمْ فَجَاوَزَهُمْ وَمَا مَعَهُ أَحَدٌ ثُمَّ رَجَعَ مُقْبِلًا فَأَخَذُوا بِلِجَامِهِ فَضَرَبُوهُ ضَرْبَتَيْنِ عَلَى عَاتِقِهِ بَيْنَهُمَا ضَرْبَةٌ ضُرِبَهَا يَوْمَ بَدْرٍ قَالَ عُرْوَةُ كُنْتُ أُدْخِلُ أَصَابِعِي فِي تِلْكَ الضَّرَبَاتِ أَلْعَبُ وَأَنَا صَغِيرٌ قَالَ عُرْوَةُ وَكَانَ مَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ يَوْمَئِذٍ وَهُوَ ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ فَحَمَلَهُ عَلَى فَرَسٍ وَوَكَّلَ بِهِ رَجُلًا"
قوله:الحديث الثامن "عن الأسود" هو ابن يزيد. قوله: "أنه قرأ والنجم" تقدم الكلام عليه في سجود القرآن وفي المبعث، ويأتي في تفسير سورة النجم التصريح بأن المراد بقول ابن مسعود "فلقد رأيته بعد قتل كافرا" أمية بن خلف، وبه يعرف مناسبته للترجمة. قوله: "عن هشام" هو ابن عروة. قوله: "كان في الزبير ثلاث ضربات بالسيف إحداهن في عاتقه" تقدم في مناقب الزبير من طريق عبد الله بن المبارك عن هشام أن الضربات الثلاث كن في عاتقه، وكذا هو في الرواية التي بعد هذه. قوله: "أصابعي فيها" في رواية الكشميهني: "فيهن" زاد في المناقب وفي الرواية التي بعدها "ألعب وأنا صغير". قوله: "ضرب ثنتين يوم بدر وواحدة يوم اليرموك" في رواية ابن المبارك أنه ضرب يوم اليرموك ضربتين على عاتقه وبينهما ضربة ضربها يوم بدر، فإن كان اختلافا على هشام فرواية ابن المبارك أثبت لأن في حديث معمر عن هشام مقالا، وإلا فيحتمل أن يكون فيه في غير عاتقه ضربتان أيضا فيجمع بذلك بين الخبرين. ووقعة اليرموك كانت أول خلافة عمر بين المسلمين والروم بالشام سنة
(7/299)

ثلاث عشر وقيل: سنة خمسة عشر، ويؤيد الأول قوله في الحديث الذي بعده إن سن عبد الله بن الزبير كان عشر سنين، واليرموك - بفتح التحتانية وبضمها أيضا وسكون الراء - موضع من نواحي فلسطين، ويقال إنه نهر، والتحرير أنه موضع بين أذرعات ودمشق كانت به الواقعة المشهورة، وقتل في تلك الوقعة من الروم سبعون ألفا في مقام واحد، لأنهم كانوا سلسلوا أنفسهم لأجل الثبات، فلما وقعت عليهم الهزيمة قتل أكثرهم، وكان اسم أمير الروم من قبل هرقل باهان أوله موحدة ويقال ميم، وكان أبو عبيدة الأمير على المسلمين يومئذ، ويقال إنه شهدها من أهل بدر مائة نفس والله أعلم. قوله في الرواية الأولى "قال عروه وقال لي عبد الملك إلخ" هو موصول بالإسناد المذكور، وكان عروة مع أخيه عبد الله بن الزبير لما حاصره الحجاج بمكة، فلما قتل عبد الله أخذ الحجاج ما وجده له فأرسل به إلى عبد الملك، فكان من ذلك سيف الزبير الذي سأل عبد الملك عروة عنه، وخرج عروة إلى عبد الملك بن مروان بالشام. قوله: "فلة" بفتح الفاء "فلها" بضم الفاء، أي كسرت قطعة من حده. قوله: "قال صدقت، بهن فلول من قراع الكتائب" هذا شطر من بيت مشهور من قصيدة مشهورة للنابغة الذبياني وأولها:
كليني لهم يا أميمة ناصب ... وليل أقاسيه بطيء الكواكب
يقول فيها:
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم ... بهن فلول من قراع الكتائب
وهو من المدح في معرض الذم، لأن الفل في السيف نقص حسي، لكنه لما كان دليلا على قوة ساعد صاحبه كان من جملة كماله. قوله: "قال هشام" هو ابن عروة وهو موصول أيضا، وقوله: "فأقمناه" أي ذكرنا قيمته، تقول قومت الشيء وأقمته أي ذكرت ما يقوم مقامه من الثمن. قوله: "وأخذه بعضنا" أي بعض الورثة، وهو عثمان بن عروة أخو هشام، وقوله: "ولوددت إلخ" هو من كلام هشام. قوله: "حدثني فروة" هو ابن مغراء بفتح الميم وسكون المعجمة ممدود، وعلي هو ابن مسهر، وهشام هو ابن عروة. وقوله محلى بالمهملة وتشديد اللام من الحلية.