باب غَزْوَةِ الْحُدَيْبِيَةِ 4
 
4168- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَعْلَى الْمُحَارِبِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنَا إِيَاسُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ قَالَ "كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجُمُعَةَ ثُمَّ نَنْصَرِفُ وَلَيْسَ لِلْحِيطَانِ ظِلٌّ نَسْتَظِلُّ فِيهِ"
4169- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ "قُلْتُ لِسَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ بَايَعْتُمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ؟ قَالَ: عَلَى الْمَوْتِ"
4170- حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِشْكَابٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ عَنْ الْعَلاَءِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ "لَقِيتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَقُلْتُ طُوبَى لَكَ صَحِبْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَايَعْتَهُ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَقَالَ يَا ابْنَ أَخِي إِنَّكَ لاَ تَدْرِي مَا أَحْدَثْنَا بَعْدَهُ "
4171- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ هُوَ ابْنُ سَلاَمٍ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ "أَنَّ ثَابِتَ بْنَ الضَّحَّاكِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ بَايَعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ".
(7/449)

الحديث الخامس عشر حديث مسلمة بن الأكوع في وقت صلاة الجمعة، أورده لقوله فيه: وكان من أصحاب الشجرة. قوله: "حدثنا يحيى بن يعلى المحاربي" هو كوفي ثقة من قدماء شيوخ البخاري، مات سنة ست عشرة ومائتين، وأبوه يعلى بن الحارث المحاربي ثقة أيضا، مات سنة ثمان وستين ومائة، وما لهما في البخاري لا هذا الحديث. قوله: "ثم ننصرف وليس للحيطان ظل نستظل فيه" استدل به لمن يقول بأن صلاة الجمعة تجزئ قبل الزوال، لأن الشمس إذا زالت ظهرت الظلال. وأجيب بأن النفي إنما تسلط على وجود ظل يستظل به لا على وجود الظل مطلقا، والظل الذي يستظل به لا يتهيأ لا بعد الزوال بمقدار يختلف في الشتاء والصيف، وقد تقدم بسط هذه المسألة ونقل الخلاف فيها في كتاب الجمعة. قوله: "حدثنا حاتم" هو ابن إسماعيل. قوله: "على الموت" تقدم الكلام عليه في "باب البيعة على الحرب" من كتاب الجهاد، وذكرت كيفية الجمع بينه وبين قول جابر لهم "نبايعه على الموت" وكذا روى مسلم من حديث معقل بن يسار مثل حديث جابر، وحاصل الجمع أن من أطلق أن البيعة كانت على الموت أراد لازمها لأنه إذا بايع على أن لا يفر لزم من ذلك أن يثبت، والذي يثبت إما أن يغلب وإما أن يؤسر، والذي يؤسر إما أن ينجو وإما أن يموت، ولما كان الموت لا يؤمن في مثل ذلك أطلقه الراوي. وحاصله أن أحدهما حكى صورة البيعة، والآخر حكى ما تئول إليه. وجمع الترمذي بأن بعضا بايع على الموت وبعضا بايع على أن لا يفر. قوله: "عن العلاء بن المسيب" أي ابن رافع الكوفي، وهو وأبوه ثقتان، وما له في البخاري إلا هذا الحديث وآخر في الدعوات، ولأبيه حديث آخر في الأدب من رواية منصور بن المعتمر عنه. قوله: "طوبى لك صحبت النبي صلى الله عليه وسلم" غبطه التابعي بصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو مما يغبط به، لكن سلك الصحابي مسلك التواضع في جوابه. وطوبى في الأصل شجرة في الجنة تقدم تفسيرها في صفة الجنة في بدء الخلق، وتطلق ويراد بها الخير أو الجنة أو أقصى الأمنية. وقيل: هي من الطيب أي طاب عيشكم. قوله: "فقال يا ابن أخي" في رواية الكشميهني يا ابن أخ بغير إضافة، وهي على عادة العرب في المخاطبة، أو أراد أخوة الإسلام. قوله: "إنك لا تدري ما أحدثناه بعده" يشير إلى ما وقع لهم من الحروب وغيرها فخاف غائلة ذلك، وذلك من كمال فضله. قوله: "حدثني إسحاق" هو ابن منصور، ويحيى بن صالح هو الوحاظي وهو من شيوخ البخاري، وقد يحدث عنه بواسطة كما هنا، ومعاوية بن سلام بالتشديد، ويحيى هو ابن أبي كثير. ووقع في رواية ابن السكن "عن زيد بن سلام" بدل يحيى بن أبي كثير قال أبو علي الجياني: ولم يتابع على ذلك، وقد وقع في رواية النسفي عن البخاري كما قال الجمهور، وكذا هو عند مسلم وأبي داود من طريق معاوية بن سلام عن يحيى. قوله: "أنه بايع النبي صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة" هكذا أورده مختصرا مقتصرا على موضع حاجته منه، وبقية الحديث قد أخرجه مسلم عن يحيى بن يحيى عن معاوية بهذا الإسناد وزاد: "وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من حلف على يمين بملة غير الإسلام كاذبا فهو كما قال" الحديث، وسيأتي الكلام على ذلك في كتاب الأيمان والنذور إن شاء الله تعالى.
4172- حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ "عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} قَالَ الْحُدَيْبِيَةُ قَالَ أَصْحَابُهُ هَنِيئًا مَرِيئًا فَمَا لَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ {لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} قَالَ شُعْبَةُ فَقَدِمْتُ الْكُوفَةَ فَحَدَّثْتُ بِهَذَا كُلِّهِ
(7/450)

عَنْ قَتَادَةَ ثُمَّ رَجَعْتُ فَذَكَرْتُ لَهُ فَقَالَ أَمَّا {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ} فَعَنْ أَنَسٍ "وَأَمَّا هَنِيئًا مَرِيئًا" فَعَنْ عِكْرِمَةَ
[الحديث 4172- طرفه: 4834]
الحديث التاسع عشر قوله: "عن أنس بن مالك {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً} قال: الحديبية سيأتي الكلام عليه في تفسير سورة الفتح إن شاء الله تعالى، وأفاد هنا أن بعض الحديث عن قتادة عن أنس وبعضه عن عكرمة، وقد أورده الإسماعيلي من طريق حجاج بن محمد عن شعبة، وجمع في الحديث بين أنس وعكرمة وساقه مساقا واحدا، وقد أوضحته في "كتاب المدرج".
4174- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ مَجْزَأَةَ بْنِ زَاهِرٍ الأَسْلَمِيِّ عَنْ أَبِيهِ وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ الشَّجَرَةَ قَالَ "إِنِّي لاَوقِدُ تَحْتَ الْقِدْرِ بِلُحُومِ الْحُمُرِ إِذْ نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَاكُمْ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ"
4174- وَعَنْ مَجْزَأَةَ عَنْ رَجُلٍ مِنْهُمْ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ اسْمُهُ أُهْبَانُ بْنُ أَوْسٍ "وَكَانَ اشْتَكَى رُكْبَتَهُ وَكَانَ إِذَا سَجَدَ جَعَلَ تَحْتَ رُكْبَتِهِ وِسَادَةً"
4175- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ النُّعْمَانِ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ أُتُوا بِسَوِيقٍ فَلاَكُوهُ"
تَابَعَهُ مُعَاذٌ عَنْ شُعْبَةَ
4176- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ بَزِيعٍ حَدَّثَنَا شَاذَانُ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي جَمْرَةَ قَالَ "سَأَلْتُ عَائِذَ بْنَ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ هَلْ يُنْقَضُ الْوِتْرُ قَالَ إِذَا أَوْتَرْتَ مِنْ أَوَّلِهِ فَلاَ تُوتِرْ مِنْ آخِرِهِ"
الحديث العشرون قوله: "حدثنا أبو عامر" هو عبد الملك بن عمرو العقدي، ووقع في رواية ابن السكن "حدثنا عثمان بن عمرو" بدل أبي عامر. قوله: "عن إسرائيل" كذا في الأصول ولا بد منه، وحكى بعض الشراح أنه وقع في بعض النسخ بإسقاطه. قلت: ولا أعتقد صحة ذلك، بل إن كان سقط من نسخة فتلك النسخة غير معتمدة. قوله: "عن مجزأة" بفتح الميم والزاي بينهما جيم ساكنة وبهمزة مفتوحة قبل الهاء وقال أبو على الجياني: المحدثون يسهلون الهمزة ولا يلفظون بها وقد يكسرون الميم، وأبوه زاهر هو ابن الأسود بن الحجاج، وليس له في البخاري لا هذا الحديث. قوله: "عن أبيه" كذا للجميع، ووقع في رواية الأصيلي عن أبي زيد المروزي "عن أنس" بدل قوله عن أبيه وهو تصحيف نبه عليه أبو علي الجياني. قوله: "إني لأوقد تحت القدور بلحوم الحمر" يعني يوم خيبر كما سيأتي فيها واضحا، وقد تعقب الداودي ما وقع هنا فقال: هذا وهم، فإن النهي عن لحوم الحمر الأهلية لم يكن بالحديبية وإنما كان بخيبر ا هـ. وليس في السياق أن ذلك كان في يوم الحديبية، وإنما ساق البخاري
(7/451)

الحديث في الحديبية لقوله فيه: "وكان ممن شهد الشجرة" ولم يتعرض لمكان النداء بذلك، مع أن غالب من بايع تحت الشجرة شهدوا مع النبي صلى الله عليه وسلم خيبر بعد رجوعهم. قوله: "وعن مجزأة" يعني بالإسناد المذكور قبله، وليس لمجزأة في البخاري إلا هذا الحديث والذي قبله. قوله: "عن رجل منهم" يعني من بني أسلم. وقال الكرماني: أي من الصحابة. والأول أولى. قوله: "اسمه أهبان بن أوس" هو بضم الهمزة وسكون الهاء بعدها موحدة، وما له في البخاري سوى هذا الحديث، وقد ذكره في التاريخ فقال: له صحبة، ونزل الكوفة، ويقال له وهبان أيضا. ثم ساق من طريق أنيس بن عمرو عن أهبان بن أوس أنه كان في غنم له فكلمه الذئب. قوله: "وكان "يعني أهبان "إذا سجد جعل تحت ركبته وسادة" ولعله كان كبر فكان يشق عليه تمكين ركبته من الأرض فوضع تحتها وسادة لينة لا تمنع اعتماده عليها من التمكين لاحتمال أن يبس الأرض كان يضر ركبته. قوله: "أتوا بسويق فلاكوه" هو طرف من حديث تقدم في الطهارة وفي الجهاد، وسيأتي بتمامه قريبا في غزوة خيبر إن شاء الله تعالى. قوله: "تابعه معاذ عن شعبة" يعني بالإسناد المذكور، وقد وصلها الإسماعيلي عن يحيى بن محمد عن عبيد الله بن معاذ عن أبيه به مختصرا، وزاد فيه: "وذلك بعد أن رجعوا من خيبر" قوله: "حدثنا محمد بن حاتم بن بزيع" بفتح الموحدة وكسر الزاي بوزن عظيم وآخره مهملة، وشاذان هو الأسود بن عامر. قوله: "عن أبي جمرة" بجيم وراء هو نصر بن عمران الضبعي ووقع في رواية أبي ذر عن الكشميهني بالمهملة والزاي وهو تصحيف. قوله: "سألت عائذ بن عمرو" هو بتحتانية مهموز وذال معجمة وهو ابن عمر بن هلال المزني، عاش إلى خلافة معاوية، ما له في البخاري لا هذا الحديث. قوله: "هل ينقض الوتر؟" يعني إذا أوتر المرء ثم نام وأراد أن يتطوع هل يصلي ركعة ليصير الوتر شفعا ثم يتطوع ما شاء ثم يوتر محافظة على قوله: "اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا" أو يصلي تطوعا ما شاء ولا ينقض وتره ويكتفي بالذي تقدم فأجاب باختيار الصفة الثانية فقال: "إذا أوترت من أوله فلا توتر من آخره" زاد الإسماعيلي من طريق غندر عن شعبة بهذا الإسناد "إذا أوترت من آخره فلا توتر أوله" وزاد فيه أيضا: "وسألت ابن عباس عن نقض الوتر فذكر مثله" وهذه المسألة اختلف فيها السلف فكان ابن عمر ممن يرى نقض الوتر، والصحيح عند الشافعية أنه لا ينقض كما في حديث الباب، وهو قول المالكية.