باب غَزْوَةِ الْحُدَيْبِيَةِ 5
 
4177- حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسِيرُ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسِيرُ مَعَهُ لَيْلًا فَسَأَلَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَنْ شَيْءٍ فَلَمْ يُجِبْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ ثُمَّ سَأَلَهُ فَلَمْ يُجِبْهُ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا عُمَرُ نَزَرْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ كُلُّ ذَلِكَ لاَ يُجِيبُكَ قَالَ عُمَرُ فَحَرَّكْتُ بَعِيرِي ثُمَّ تَقَدَّمْتُ أَمَامَ الْمُسْلِمِينَ وَخَشِيتُ أَنْ يَنْزِلَ فِيَّ قُرْآنٌ فَمَا نَشِبْتُ أَنْ سَمِعْتُ صَارِخًا يَصْرُخُ بِي قَالَ فَقُلْتُ لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ يَكُونَ نَزَلَ فِيَّ قُرْآنٌ وَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَقَالَ لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ سُورَةٌ لَهِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْ سُ ثُمَّ قَرَأَ {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} .
[الحديث 4177- طرفاه في: 5012,4833]
(7/452)

الحديث الرابع والعشرون قوله: "عن زيد بن أسلم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسير في بعض أسفاره وكان عمر بن الخطاب يسير معه ليلا، فسأله عمر عن شيء الحديث" هذا صورته مرسل، ولكن بقيه تدل على أنه عن عمر، لقوله في أثنائه "قال عمر: فحركت بعيري إلخ" وقد أشبعت القول فيه في المقدمة، وقد أورده الإسماعيلي من طريق محمد بن خالد بن عثمة عن ملك عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: "سمعت عمر بن الخطاب" فذكره، وسيأتي شرح المتن في تفسير سورة الفتح إن شاء الله تعالى. قوله: "نزرت" بنون وزاي ثقيلة أي ألححت. وقال أبو ذر الهروي: لم أسمعه إلا بالتخفيف.
4179,4178- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ حِينَ حَدَّثَ هَذَا الْحَدِيثَ حَفِظْتُ بَعْضَهُ وَثَبَّتَنِي مَعْمَرٌ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ قَالاَ "خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فِي بِضْعَ عَشْرَةَ مِائَةً مِنْ أَصْحَابِهِ فَلَمَّا أَتَى ذَا الْحُلَيْفَةِ قَلَّدَ الْهَدْيَ وَأَشْعَرَهُ وَأَحْرَمَ مِنْهَا بِعُمْرَةٍ وَبَعَثَ عَيْنًا لَهُ مِنْ خُزَاعَةَ وَسَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى كَانَ بِغَدِيرِ الأَشْطَاطِ أَتَاهُ عَيْنُهُ قَالَ إِنَّ قُرَيْشًا جَمَعُوا لَكَ جُمُوعًا وَقَدْ جَمَعُوا لَكَ الأَحَابِيشَ وَهُمْ مُقَاتِلُوكَ وَصَادُّوكَ عَنْ الْبَيْتِ وَمَانِعُوكَ فَقَالَ أَشِيرُوا أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيَّ أَتَرَوْنَ أَنْ أَمِيلَ إِلَى عِيَالِهِمْ وَذَرَارِيِّ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَصُدُّونَا عَنْ الْبَيْتِ فَإِنْ يَأْتُونَا كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ قَطَعَ عَيْنًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَإِلاَ تَرَكْنَاهُمْ مَحْرُوبِينَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ خَرَجْتَ عَامِدًا لِهَذَا الْبَيْتِ لاَ تُرِيدُ قَتْلَ أَحَدٍ وَلاَ حَرْبَ أَحَدٍ فَتَوَجَّهْ لَهُ فَمَنْ صَدَّنَا عَنْهُ قَاتَلْنَاهُ قَالَ امْضُوا عَلَى اسْمِ اللَّهِ "
4181,4180- حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ حَدَّثَنِي ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمِّهِ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ يُخْبِرَانِ خَبَرًا مِنْ خَبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ فَكَانَ فِيمَا أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ عَنْهُمَا "أَنَّهُ لَمَّا كَاتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى قَضِيَّةِ الْمُدَّةِ وَكَانَ فِيمَا اشْتَرَطَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو أَنَّهُ قَالَ لاَ يَأْتِيكَ مِنَّا أَحَدٌ وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ إِلاَّ رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا وَخَلَّيْتَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ وَأَبَى سُهَيْلٌ أَنْ يُقَاضِيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلاَّ عَلَى ذَلِكَ فَكَرِهَ الْمُؤْمِنُونَ ذَلِكَ وَامَّعَضُوا فَتَكَلَّمُوا فِيهِ فَلَمَّا أَبَى سُهَيْلٌ أَنْ يُقَاضِيَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلاَّ عَلَى ذَلِكَ كَاتَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا جَنْدَلِ بْنَ سُهَيْلٍ يَوْمَئِذٍ إِلَى أَبِيهِ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو وَلَمْ يَأْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدٌ مِنْ الرِّجَالِ إِلاَّ رَدَّهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا وَجَاءَتْ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَكَانَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ مِمَّنْ خَرَجَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ عَاتِقٌ فَجَاءَ أَهْلُهَا يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَرْجِعَهَا إِلَيْهِمْ حَتَّى
(7/453)
أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْمُؤْمِنَاتِ مَا أَنْزَلَ"
الحديث الخامس والعشرون حديث المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم، يزيد أحدهما على صاحبه. قوله: "حفظت بعضه وثبتني فيه معمر" بين أبو نعيم في مستخرجه القدر الذي حفظه سفيان عن الزهري والقدر الذي ثبته فيه معمر، فساقه من طريق حامد بن يحيى عن سفيان إلى قوله: "فأحرم منها بعمرة" ومن قوله: "وبعث عينا له من خزاعة إلخ" مما ثبته فيه معمر، وقد تقدم في هذا الباب من رواية علي بن المديني عن سفيان وفيه قول سفيان "لا أحفظ الإشعار والتقليد فيه: "وأن عليا قال: "ما أدري ما أراد سفيان بذلك، هل أراد أنه لا يحفظ الإشعار والتقليد فيه خاصة، أو أراد أنه لا يحفظ بقية الحديث: "وقد أزالت هذه الرواية الإشكال والتردد الذي وقع لعلي بن المديني، وقد تقدم الكلام على شرح الحديث مستوفى في الشروط، وأنه أورد هنا صدر الحديث واختصره هناك، وساق هناك الحديث بطوله واقتصر منه هنا على البعض، وتقدم بيان ما وقع هنا مما لم يذكره هناك من تسمية عينه الذي بعثه وأنه بشر بن سفيان الخزاعي، وضبط غدير الأشطاط، وذكر الواقدي أنه وراء عسفان. ثم أورد المصنف بعضا من الحديث غير ما ذكره من هذه الطريق من طريق أخرى. قوله: "حدثني إسحاق" هو ابن راهويه، ويعقوب هو ابن إبراهيم بن سعد، وابن أخي ابن شهاب اسمه محمد بن عبد الله بن مسلم بن شهاب. قوله: "وامعضوا" بتشديد الميم بعدها عين مهملة ثم ضاد معجمة. وفي رواية الكشميهني: "وامتعضوا" بإظهار المثناة والمعنى شق عليهم، وقد سبق بسطه في الشروط. قوله: "ولم يأت رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد من الرجال إلا رده" أي إلى المشركين في تلك المدة وإن كان مسلما. قوله: "وجاءت المؤمنات مهاجرات" أي في تلك لمدة أيضا، وقد ذكرت أسماء من سمي منهن في كتاب الشروط. قوله: "فكانت أم كلثوم بنت عقبه بن أبي معيط ممن خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم" أي من مكة إلى المدينة مهاجرة مسلمة. فقوله: "وهي عاتق" أي بلغت واستحقت التزويج ولم تدخل في السن، وقيل: هي الشابة، وقيل: فوق المعصر، وقيل: استحقت التخدير، وقيل: بين البالغ والعانس، وتقدم بسط ذلك في كتاب العيدين. قوله: "فجاء أهلها يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرجعها إليهم" في حديث عبد الله بن أبي أحمد بن جحش" هاجرت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، فخرج أخواها الوليد وعمارة ابنا عقبة بن أبي معيط حتى قدما المدينة فكلما رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يردها إليهم، فنقض العهد بينه وبين المشركين في النساء خاصة، فنزلت الآية" أخرجه ابن مردويه في تفسيره، وبهذا يظهر المراد بقوله في حديث الباب: "حتى أنزل الله في المؤمنات ما أنزل". قوله: "حتى أنزل الله في المؤمنات ما أنزل" أي من استثنائهن من مقتضى الصلح على رد من جاء منهم مسلما، وسيأتي بيان ذلك مشروحا في أواخر كتاب النكاح إن شاء الله تعالى.
4182- قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَمْتَحِنُ مَنْ هَاجَرَ مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ بِهَذِهِ الْآيَةِ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ} [12 الممتحنة] وَعَنْ عَمِّهِ قَالَ "بَلَغَنَا حِينَ أَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَرُدَّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ مَا أَنْفَقُوا عَلَى مَنْ هَاجَرَ مِنْ أَزْوَاجِهِمْ وَبَلَغَنَا أَنَّ أَبَا بَصِيرٍ.... فَذَكَرَهُ بِطُولِهِ".
(7/454)

الحديث السادس والعشرون قوله: "قال ابن شهاب وأخبرني عروة إلخ" هو موصول بالإسناد المذكور، وقد وصله الإسماعيلي عن أبي يعلى عن أبي خيثمة عن يعقوب بن إبراهيم به وفيه بيان لأن الذي وقع في الشرط من عطف هذه القصة في رواية الزهري عن عروة عن مروان والمسور مدرج وإنما هو عن عروة عن عائشة، ويأتي شرح الامتحان في النكاح إن شاء الله تعالى. قوله: "وعن عمه" هو موصل بالإسناد المذكور أيضا. قوله: "بلغنا حين أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم أن يرد إلى المشركين ما أنفقوا على من هاجر من أزواجهم" هذا القدر ذكره هكذا مرسلا، وهو موصول من رواية معمر كما أشرنا إليه في الشروط، وسأشبع الكلام على ذلك في النكاح إن شاء الله تعالى. قوله: "وبلغنا أن أبا بصير فذكره بطوله" كذا في الأصل وأشار إلى ما تقدم في قصة أبي بصير في كتاب الشروط؛ وقد ذكرت شرحها مبسوطا هناك حيث ساقها مطولة.