باب غَزْوَةِ خَيْبَرَ 1
 
4195- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ سُوَيْدَ بْنَ النُّعْمَانِ أَخْبَرَهُ "أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ خَيْبَرَ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالصَّهْبَاءِ وَهِيَ مِنْ أَدْنَى خَيْبَرَ صَلَّى الْعَصْرَ ثُمَّ دَعَا بِالأَزْوَادِ فَلَمْ يُؤْتَ إِلاَّ بِالسَّوِيقِ فَأَمَرَ بِهِ فَثُرِّيَ فَأَكَلَ وَأَكَلْنَا ثُمَّ قَامَ إِلَى الْمَغْرِبِ فَمَضْمَضَ وَمَضْمَضْنَا ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ"
4196- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَيْبَرَ فَسِرْنَا لَيْلًا فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ لِعَامِرٍ يَا عَامِرُ أَلاَ تُسْمِعُنَا مِنْ هُنَيْهَاتِكَ وَكَانَ عَامِرٌ رَجُلًا شَاعِرًا فَنَزَلَ يَحْدُو بِالْقَوْمِ يَقُولُ:
(7/463)

اللَّهُمَّ لَوْلاَ أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا ... وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا
فَاغْفِرْ فِدَاءً لَكَ مَا أَبْقَيْنَا ... وَثَبِّتْ الأَقْدَامَ إِنْ لاَقَيْنَا
وَأَلْقِيَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا إِنَّا ... إِذَا صِيحَ بِنَا أَبَيْنَا
وَبِالصِّيَاحِ عَوَّلُوا عَلَيْنَا
فَقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مَنْ هَذَا السَّائِقُ قَالُوا عَامِرُ بْنُ الأَكْوَعِ قَالَ يَرْحَمُهُ اللَّهُ قَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ وَجَبَتْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ لَوْلاَ أَمْتَعْتَنَا بِهِ فَأَتَيْنَا خَيْبَرَ فَحَاصَرْنَاهُمْ حَتَّى أَصَابَتْنَا مَخْمَصَةٌ شَدِيدَةٌ ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَتَحَهَا عَلَيْهِمْ فَلَمَّا أَمْسَى النَّاسُ مَسَاءَ الْيَوْمِ الَّذِي فُتِحَتْ عَلَيْهِمْ أَوْقَدُوا نِيرَانًا كَثِيرَةً فَقال النبي صلى الله عليه وسلم: " مَا هَذِهِ النِّيرَانُ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ تُوقِدُون َ قَالُوا عَلَى لَحْمٍ قَالَ عَلَى أَيِّ لَحْمٍ قَالُوا لَحْمِ حُمُرِ الإِنْسِيَّةِ قال النبي صلى الله عليه وسلم: " أَهْرِيقُوهَا وَاكْسِرُوهَا فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْ نُهَرِيقُهَا وَنَغْسِلُهَا قَالَ أَوْ ذَاكَ فَلَمَّا تَصَافَّ الْقَوْمُ كَانَ سَيْفُ عَامِرٍ قَصِيرًا فَتَنَاوَلَ بِهِ سَاقَ يَهُودِيٍّ لِيَضْرِبَهُ وَيَرْجِعُ ذُبَابُ سَيْفِهِ فَأَصَابَ عَيْنَ رُكْبَةِ عَامِرٍ فَمَاتَ مِنْهُ قَالَ فَلَمَّا قَفَلُوا قَالَ سَلَمَةُ رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِي قَالَ مَا لَكَ قُلْتُ لَهُ فَدَاكَ أَبِي وَأُمِّي زَعَمُوا أَنَّ عَامِرًا حَبِطَ عَمَلُهُ قال النبي صلى الله عليه وسلم: " كَذَبَ مَنْ قَالَهُ إِنَّ لَهُ لاَجْرَيْنِ وَجَمَعَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ إِنَّهُ لَجَاهِدٌ مُجَاهِدٌ قَلَّ عَرَبِيٌّ مَشَى بِهَا مِثْلَهُ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ قَالَ نَشَأَ بِهَا "
قوله: "باب غزوة خيبر" بمعجمة وتحتانية وموحدة بوزن جعفر، وهي مدينة كبيرة ذات حصون ومزارع على ثمانية برد من المدينة إلى جهة الشام، وذكر أبو عبيدة البكري أنها سميت باسم رجل من العماليق نزلها، قال ابن إسحاق: خرج النبي صلى الله عليه وسلم في بقية المحرم سنه سبع فأقام يحاصرها بضع عشرة ليلة إلى أن فتحها في صفر، وروى يونس بن بكير في المغازي عن ابن إسحاق في حديث المسور ومروان قالا: انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية فنزلت عليه سورة الفتح فيما بين مكة والمدينة فأعطاه الله فيها خيبر بقوله: {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ} يعني خيبر، فقدم المدينة في ذي الحجة فأقام بها حتى سار إلى خيبر في المحرم. وذكر موسى بن عقبة في المغازي عن ابن شهاب أنه صلى الله عليه وسلم أقام بالمدينة عشرين ليلة أو نحوها، ثم خرج إلى خيبر. وعند ابن عائذ من حديث ابن عباس "أقام بعد الرجوع من الحديبية عشر ليال" وفي مغازي سليمان التيمي "أقام خمسة عشر يوما" وحكى ابن التين عن ابن الحصار أنها كانت في آخر سنة ست، وهذا منقول عن مالك، وبه جزم ابن حزم، وهذه الأقوال متقاربة، والراجح منها ما ذكره ابن إسحاق، ويمكن الجمع بأن من أطلق سنة ست بناه على أن ابتداء السنة من شهر الهجرة الحقيقي وهو ربيع الأول، وأما ما ذكره الحاكم عن الواقدي وكذا ذكره ابن سعد أنها كانت في جمادى الأولى، فالذي رأيته في مغازي الواقدي أنها كانت في صفر، وقيل: في ربيع الأول، وأغرب من ذلك ما أخرجه ابن سعد وابن أبي شيبة من حديث أبي سعيد الخدري قال: "خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبر لثمان عشرة من رمضان"
(7/464)

الحديث وإسناده حسن، إلا أنه خطأ، ولعلها كانت إلى حنين فتصحفت، وتوجيهه بأن غزوة حنين كانت ناشئة عن غزوة الفتح، وغزوة الفتح خرج النبي صلى الله عليه وسلم فيها في رمضان جزما، والله أعلم. وذكر الشيخ أبو حامد في التعليقة أنها كانت سنة خمس، وهو وهم، ولعله انتقال من الخندق إلى خيبر. وذكر ابن هشام أنه صلى الله عليه وسلم استعمل على المدينة نميلة بنون مصغر ابن عبد الله الليثي، وعند أحمد والحاكم من حديث أبي هريرة أنه سباع بن عرفطة وهو أصح. حديث سويد بن النعمان وهو الأنصاري الحارثي أنه خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم عام خيبر، الحديث. وقد تقدم شرحه في الطهارة. والغرض منه هنا الإشارة إلى أن الطريق التي خرجوا منها إلى خيبر كانت على طريق الصهباء، وقد تقدم ضبطها. قوله: "خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبر، فسرنا ليلا، فقال رجل من القوم لعامر: يا عامر ألا تسمعنا" لم أقف على اسمه صريحا، وعند ابن إسحاق من حديث نصر بن دهر الأسلمي أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في مسيره إلى خيبر لعامر بن الأكوع وهو عم سلمة بن الأكوع واسم الأكوع سنان: "انزل يا ابن الأكوع فاحد لنا من هنياتك" ففي هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي أمره بذلك. قوله: "من هنيهاتك" في رواية الكشميهني بحذف الهاء الثانية وتشديد التحتانية التي قبلها، والهنيهات جمع هنيهة وهي تصغير هنة كما قالوا في تصغير سنة سنيهة. ووقع في الدعوات من وجه آخر عن يزيد بن أبي عبيد" لو أسمعتنا من هناتك" بغير تصغير. قوله: "وكان عامر رجلا شاعرا" قيل: هذا يدل على أن الرجز من أقسام الشعر، لأن الذي قاله عامر حينئذ من الرجز. وسيأتي بسط ذلك في كتاب الأدب إن شاء الله تعالى. قوله: "اللهم لولا أنت ما اهتدينا" في هذا القسم زحاف الخزم بمعجمتين وهو زيادة سبب خفيف في أوله، وأكثرها أربعة أحرف، وقد تقدم في الجهاد من حديث البراء بن عازب وأنه من شعر عبد الله بن رواحة، فيحتمل أن يكون هو وعامر تواردا على ما تواردا منه، بدليل ما وقع لكل منهما مما ليس عند الآخر، أو استعان عامر ببعض ما سبقه إليه ابن رواحة. قوله: "فاغفر فداء لك ما اتقينا" أما قوله فداء فهو بكسر الفاء وبالمد، وحكى ابن التين فتح أوله مع القصر وزعم أنه هنا بالكسر القصر لضرورة الوزن، ولم يصب في ذلك فإنه لا يتزن إلا بالمد. وقد استشكل هذا الكلام لأنه لا يقال في حق الله، إذ معنى فداء لك نفديك بأنفسنا وحذف متعلق الفداء للشهرة، وإنما يتصور الفداء لمن يجوز عليه الفناء. وأجيب عن ذلك بأنها كلمه لا يراد بها ظاهرها بل المراد بها المحبة والتعظيم مع قطع النظر عن ظاهر اللفظ. وقيل: المخاطب بهذا الشعر النبي صلى الله عليه وسلم، والمعنى لا تؤاخذنا بتقصيرنا في حقك ونصرك، وعلى هذا فقوله: "اللهم" لم يقصد بها الدعاء، وإنما افتتح بها الكلام، والمخاطب بقول الشاعر "لولا أنت" النبي صلى الله عليه وسلم إلخ، ويعكر عليه قوله بعد ذلك:
فأنزلن سكينة علينا ... وثبت الأقدام إن لاقينا
فإنه دعا الله تعالى ويحتمل أن يكون المنعى فاسأل ربك أن ينزل ويثبت والله أعلم. وأما قوله: "ما اتقينا" فبتشديد المثناة بعدها قاف للأكثر، ومعناه ما تركنا من الأوامر، و "ما" ظرفية، وللأصيلي والنسفي بهمزة قطع ثم موحدة ساكنة أي ما خلفنا وراءنا مما اكتسبنا من الآثام، أو ما أبقيناه وراءنا من الذنوب فلم نتب منه. وللقابسي "ما لقينا" باللام وكسر القاف والمعنى ما وجدنا من المناهي، ووقع في رواية قتيبة عن حاتم بن إسماعيل
(7/465)

كما سيأتي في الأدب "ما اقتفينا" بقاف ساكنة ومثناة مفتوحة ثم تحتانية ساكنة أي تبعنا من الخطايا من قفوت الأثر إذا اتبعته، وكذا لمسلم عن قتيبة وهي أشهر الروايات في هذا الرجز. قوله: "وألقين سكينة علينا" في رواية النسفي "وألق السكينة علينا" بحذف النون وبزيادة ألف ولام في السكينة بغير تنوين، وليس بموزون. قوله: "إنا إذا صيح بنا أتينا" بمثناة، أي جئنا إذا دعينا إلى القتال أو إلى الحق، وروي بالموحدة كذا رأيت في رواية النسفي، فإن كانت ثابتة فالمعنى إذا دعينا إلى غير الحق امتنعنا. قوله: "وبالصياح عولوا علينا" أي قصدونا بالدعاء بالصوت العالي واستغاثوا علينا، تقول: عولت على فلان وعولت بفلان بمعنى استغثت به. وقال الخطابي: المعني أجلبوا علينا بالصوت، وهو من العويل. وتعقبه ابن التين بأن عولوا بالتثقيل من التعويل ولو كان من العويل لكان أعولوا. ووقع في رواية إياس بن سلمة عن أبيه عند أحمد في هذا الرجز من الزيادة:
"وإن الذين قد بغوا علينا ... إذا أرادوا فتنة أبينا
ونحن عن فضلك ما استغنينا"
وهذا القسم الأخير عند مسلم أيضا. قوله: "من هذا السائق" في رواية أحمد فجعل عامر يرتجز ويسوق الركاب وهذه كانت عادتهم إذا أرادوا تنشيط الإبل في السير ينزل بعضهم فيسوقها ويحدو في تلك الحال. قوله: "قال يرحمه الله" في رواية إياس بن سلمة "قال غفر لك ربك" قال: وما استغفر رسول الله صلى الله عليه وسلم لإنسان يخصه إلا استشهد، وبهذه الزيادة يظهر السر في قول الرجل "لولا أمتعتنا به". قوله: "قال رجل من القوم: وجبت يا نبي الله، لولا أمتعتنا به" اسم هذا الرجل عمر سماه مسلم في رواية إياس بن سلمة ولفظه: "فنادى عمر بن الخطاب وهو على جمل له: يا نبي الله لولا أمتعتنا بعامر" وفي حديث نصر بن دهر عند ابن إسحاق "فقال عمر: وجبت يا رسول الله" ومعنى قوله لولا أي هلا، وأمتعتنا أي متعتنا أي أبقيته لنا لنتمتع به أي بشجاعته، والتمتع الترفه إلى مدة، ومنه أمتعني الله ببقائك. قوله: "فأتينا خيبرا" أي أهل خيبر. قوله: "فحاصرناهم" ذكر ابن إسحاق أن أول شيء حاصروه ففتح حصن ناعم، ثم انتقلوا إلى غيره. قوله: "حتى أصابتنا مخمصة" بمعجمة ثم مهملة أي مجاعة شديدة، وسيأتي شرح قصة الحمر الأهلية في كتاب الذبائح إن شاء الله تعالى. قوله: "وكان سيف عامر قصيرا فتناول به ساق يهودي ليضربه" في رواية إياس بن سلمة "فلما قدمنا خيبر خرج ملكهم مرحب يخطر بسيفه يقول:
قد علمت خيبر أني مرحب ... شاكي السلاح بطل مجرب
إذا الحروب أقبلت تلهب
قال فبرز إليه عامر فقال:
قد علمت خيبر أني عامر ... شاكي السلاح بطل مغامر
فاختلفا ضربتين، فوقع سيف مرحب في ترس عامر، فصار عامر يسفل له أي يضربه من أسفل، فرجع سيفه - أي عامر - على نفسه. قوله: "ويرجع ذباب سيفه" أي طرفه الأعلى وقيل: حده. قوله: "فأصاب عين ركبة عامر" أي طرف ركبته الأعلى فمات منه. وفي رواية يحيى القطان "فأصيب عامر بسيف نفسه فمات" وفي رواية إياس بن سلمة عند مسلم: "فقطع أكحله فكانت فيها نفسه "وفي رواية ابن إسحاق" فكلمه كلما شديدا فمات منه". قوله: "فلما قفلوا من خيبر" أي رجعوا. قوله: "وهو آخذ يدي" في رواية الكشميهني: "بيدي" وفي رواية قتيبة
(7/466)

"رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم شاحبا" بمعجمة ثم مهملة وموحدة أي متغير اللون. وفي رواية إياس "فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي". قوله: "زعموا أن عامرا حبط عمله" في رواية إياس "بطل عمل عامر قتل نفسه" وسمي من القائلين أسيد بن حضير، في رواية قتيبة الآتية في الأدب وعند ابن إسحاق "فكان المسلمون شكوا فيه وقالوا فما قتله سلاحه" ونحو عند مسلم من وجه آخر عن سلمة. قوله: "كذب من قاله" أي أخطأ. قوله: "إن له أجرين" في رواية الكشميهني: "لأجرين" وكذا في رواية قتيبة، وكذا في رواية ابن إسحاق "إنه لشهيد، وصلى عليه". قوله: "إنه لجاهد مجاهد" كذا للأكثر باسم الفاعل فيهما وكسر الهاء والتنوين، والأول مرفوع على الخبر. والثاني إتباع للتأكيد، كما قالوا جاد مجد. ووقع لأبي ذر عن الحموي والمستملي بفتح الهاء والدال، وكذا ضبطه الباجي، قال عياض: والأول هو الوجه. قلت: يؤيده رواية أبي داود من وجه آخر عن سلمة "مات جاهدا مجاهدا" قال ابن دريد: رجل جاهد أي جاد في أموره. وقال ابن التين: الجاهد من يرتكب المشقة، ومجاهد أي لأعداء الله تعالى. قوله: "قل عربي مشى بها مثله" كذا في هذه الرواية بالميم والقصر من المشي، والضمير للأرض أو المدينة أو الحرب أو الخصلة. قوله: "قال قتيبة نشأ" أي بنون وبهمزة، والمراد أن قتيبة رواه عن حاتم بن إسماعيل بهذا الإسناد فخالف في هذه اللفظة. وروايته موصولة في الأدب عنده، وغفل الكشميهني فرواها هنالك بالميم والقصر، وحكى السهيلي أنه وقع في رواية: "مشابها" بضم الميم اسم فاعل من الشبهة أي ليس له مشابه في صفات الكمال في القتال، وهو منصوب بفعل محذوف تقديره رأيته مشابها، أو على الحال من قوله: "عربي" قال السهيلي: والحال من النكرة يجوز إذا كان في تصحيح معنى، قال السهيلي أيضا: وروى "قل عربيا نشأ بها مثله" والفاعل مثله، وعربيا منصوب على التمييز لأن في الكلام معنى المدح، على حد قولهم عظم زيد رجلا، وقل زيد أدبا.